[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بدأت التساؤلات تطرح بمجرد فوز قطر بحق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022.. فكيف يمكن للدولة العربية الصغيرة الغنية بالغاز ان تتأقلم مع تدفق مئات الالاف من جماهير كرة القدم؟ وكيف يمكن للجماهير ان تتأقلم مع درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف؟ وما هو الوضع بالنسبة لتناول الخمور في ذلك المجتمع المسلم المحافظ؟
اما بالنسبة لأغلب القطريين فان اكثر الاحداث الرياضية مشاهدة على مستوى العالم يمثل فرصة لعرض صورة جديدة لبلادهم والشرق الاوسط بشكل أعم.
وقالت الشيخة موزة بنت ناصر المسند وهي زوجة أمير قطر في مقابلة مع رويترز "الأمر لا يقتصر على قطر ولكنه يمتد للمنطقة بأكملها."
واضافت "انها فرصة لمحو الافكار الخاطئة ليس فقط بشأن قطر ولكن بشأن العالمين الاسلامي والعربي بشكل أعم. نحن دولة ودودة للغاية كما اننا دولة شابة. لسنا مجرد حالمين ولكننا اصحاب انجازات."
لكن من المحتمل ان تظل التساؤلات تطل برؤوسها حتى موعد انطلاق البطولة نفسها.
وعلى سبيل المثال هناك مسألة الخمور التي ينظر اليها الكثير من المشجعين باعتبارها من اجواء كرة القدم.
وتقدم المشروبات الكحولية في فنادق الصفوة فقط في قطر ويحظر تناول الخمور على الملأ. ويبقى السؤال هل سيتم تخفيف تلك القواعد خلال 12 عاما المقبلة؟
ووعد القائمون على العرض بتقديم بعض التنازلات.
وقال مايك لي وهو مستشار بعرض قطر ساعد لندن على الفور بحق تنظيم دورة الالعاب الاولمبية 2012 وريو دي جانيرو على استضافة الدورة الاولمبية 2016 "لجنة العرض قامت بعملها. ندرك انه يجب وجود بعض اشكال التيسيرات المتاحة على صعيد الخمور. الامر لا يتعلق تحديدا بالتطلع لقدوم حشود من مشجعي كرة القدم السكارى الذين يتصرفون بشكل مناهض لتفكير المجتمع لانه لا يوجد دولة ترحب بذلك."
واضاف "قطر تمثل بيئة يقابل فيها الغربيون بالترحاب ويعيش فيها عدد كبير من الاجانب المقيمين. لا يقتصر الامر فقط على تقديم المشروبات الكحولية في الفنادق بسهولة ويسر ولكن ومع قدوم نهائيات كأس العالم فانه سيتم تقديم المشروبات الكحولية في مناطق اخرى أيضا."
ويمثل السكان الاجانب نحو 80 في المئة من سكان قطر البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة.
ويتوقع كثيرون ان يلقى السماح بتناول الخمور تجاهلا واسعا من قبل الشباب الذين يشكلون اغلبية سكان البلاد حيث انهم ما زالوا في فورة الحماسة ازاء تنظيم البطولة.
وقال سلطان القاسمي وهو متخصص في الشؤون الاجتماعية مقيم في الامارات "يندرج ما بين 50 الى 60 في المئة من السكان في العشرينات من العمر أو أقل لذا فانهم اكثر تسامحا واعتقد انهم سيرحبون بالبطولة في مجملها."
وقال القاسمي انه من المحتمل ان يزيد عدد المنافذ الخاصة ببيع الكحوليات في قطر خلال 12 عاما المقبلة بينما سيسهل اقامة جسر يبلغ طوله 40 كيلومترا بقيمة ثلاثة مليارات دولار يمتد الى البحرين حيث توجد هناك حرية أكبر لتناول المشروبات الكحولية من استيراد تلك المشروبات من هناك.
واستيراد الخمور في قطر غير قانوني حاليا. ولم يفصح مسؤولو الحكومة ومسؤولو العرض ان كان هذا سيتغير قبل البطولة أو خلالها.
وقال ديفيد بي. روبرتس وهو باحث في جامعة دورهام في بريطانيا "أتخيل انهم سيعدون مناطق واضحة ومحددة لتناول المشروبات الكحولية بشكل مشابه لفصل المطاعم عن بقية أجزاء المراكز التجارية في دبي اثناء شهر رمضان."
كما ستكون هناك مسألة حرارة الطقس والتي يمكن ان ترتفع في فصل الصيف الى أكثر من 50 درجة مئوية مما يجعل عبور الطريق امرا يشكل تحديا.
وعلى الرغم من ان البطولة ستقام خلال اكثر شهرين يشهدان ارتفاعا في درجات الحرارة خلال العام فان القائمين على العرض يقولون ان الحرارة داخل الاستادات لن تكون مشكلة بفضل تقنية للسيطرة على الحرارة خالية تماما من انبعاثات الكربون.
وتخطط قطر لاستخدام تكنولوجيا تعتمد على الطاقة الشمسية لتبريد الاستادات لتصل درجة حرارة الملعب الى 27 درجة مئوية وهو نظام يتم العمل به في استاد صغير في قطر الا انه لم يتم الموافقة عليه بعد في المنشأت الكبيرة.
كما ان مسالة تأقلم الجماهير مع الوضع خارج الاستادات يشكل جانبا اخر من الصورة.
وقال لي "اللجنة المشرفة على العرض والحكومة كانا في غاية الذكاء عندما استقدما مهندسين ومصممين. بالنظر الى انهم قد قاموا بالفعل بتطوير تلك التقنية فانه سيكون من السهل للغاية التحكم في درجات حرارة مناطق المشجعين وليس الاستادات فقط."
وعلى الرغم من ان بطولات كأس العالم تقام عادة في اشهر الصيف في النصف الشمالي من الكرة الارضية عقب نهاية بطولات الدوري المحلية فان البعض يتكهن بأن البطولة قد تقام في يناير كانون الثاني عندما تكون درجات الحرارة عند 25 درجة مئوية.
وقال فرانز بيكنباور عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لصحيفة بيلد الالمانية مؤخرا "خطط بطولات الدوري الكبرى يجب ان تتغير لعام 2022 الا ان هذا لن يشكل عقبة كبيرة."
ولم يعلق القائمون على العرض والمسؤولون الحكوميون في قطر بعد على مثل هذا الاقتراح.
وذكر الفيفا في تقريره الفني ان درجات الحرارة المرتفعة جدا في قطر تمثل مصدر خطورة محتمل على الصحة بالنسبة للاعبين والمتفرجين.
وقال احد محللي كرة القدم ومقره بريطانيا "من وجهة نظري فان الاتحاد الدولي قد باع ميراث كأس العالم وربما تكون خزائنه قد امتلأت في نهاية الامر الا انه أدخل نفسه في دائرة الافلاس المعنوي عن طريق تجاهله بشكل تام لما قاله مفتشوه بشأن عدم ملائمة المكان لاستضافة البطولة."
وجاء قرار منح شرف استضافة البطولة لقطر وسط ادعاءات بشأن وجود تواطؤ وهو ما اثار انتقادات من وسائل الاعلام وخاصة الصحافة البريطانية.
وتم ايقاف وتغريم اثنين من اعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا بسبب ادعاءات بانهما عرضا بيع صوتيهما خلال عملية التصويت لاختيار العرضين الفائزين بحق استضافة كأس العالم عامي 2018 و2022.
الا ان لجنة القيم بالفيفا التي اجرت التحقيق في الادعاءات بحدوث تواطؤ لم تجد اي دليل على ان العرض المشترك المقدم من اسبانيا والبرتغال والذي خسر في السباق لاحتضان نهائيات كأس العالم 2018 قد أبرم اتفاقا مع قطر.
وقالت قطر انها ستثبت انها على قدر الحدث. وعلى مدار السنوات الخمس المقبلة تخطط قطر لبناء شبكة قطارات بتكلفة 25 مليار دولار وميناء بحري بتكلفة 5.5 مليار دولار اضافة الى مطار جديد كلفته 11 مليار دولار سيتم ربطه بمشروعات سكنية وتجارية جديدة وكبيرة في الجزء الشمالي من العاصمة الدوحة عن طريق جسر تبلغ تكلفته مليار دولار. وستنفق قطر 20 مليار دولار اضافية على شق طرق جديدة.
وبالنسبة لكأس العالم فان الخطط وضعت لاستكمال شبكة قطارات تربط كل الاستادات ببعضها البعض في رحلة لن تستغرق اكثر من ساعة وذلك بحلول عام 2017.
وقال لي "فريق العرض القطري اتخذ قرارا واعيا للغاية بالتقدم لاستضافة كأس العالم 2022 وليس 2018 في حين تقدمت العديد من العروض بطلبات لاستضافة أي من البطولتين. لقد كانوا يدركون انهم سيحتاجون لعقد من الزمان لانجاز كافة الامور."
وفي ظل تمتعها بمصادر وفيرة للنفظ والغاز وكونها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال فان قطر ضخت الكثير من العائدات في مشروعات التعليم والثقافة.
وتستضيف قطر مجموعة من صفوة الجامعات الغربية اضافة الى متنزه للبحث العلمي يعج بشركات الطاقة الكبرى ومتحف للفن الاسلامي يحظى باشادة كبيرة. وتخطط قطر لاقامة متاحف اخرى بما في ذلك متحف صمم من قبل المهندس المعماري الفرنسي الشهير جان نوفل.
وقال لي "ما يجعلني متيما بقطر هو انها ترغب حقا في استغلال مواردها بأفضل شكل ممكن. الامر لا يتعلق بتدفق النفط والغاز فقط."
واضاف "الاهتمام العالمي واهتمام وسائل الاعلام بقطر سيصبح ضخما الان. فبدلا من التركيز على المشاكل السياسية في المنطقة فان الفوز بشرف استضافة كأس العالم يمثل فرصة للحديث عما يمكن أن تحققه قطر اذا ما استغلت مصادرها بالطريقة المثلى."
وقال شادي حامد مدير الابحاث في مركز بروكينجز الدوحة وهو الفرع القطري من مركز بروكينجز البحثي والذي يتخذ من واشنطن مقرا له "في ظل متابعة العالم للحدث فان قطر سترغب في ارسال رسالة واضحة مفادها.. نحن نستحق استضافة البطولة وسنستغلها الى اقصى درجة وسنظهر للجميع وجها مختلفا للعالم العربي."
ولهذا السبب فقد وضعت اللجنة المشرفة على عرض قطر امرأة هي الشيخة موزة في قلب التقديم النهائي للعرض وهي الخطوة التي يعتقد بعض المحللين انها اثارت اعجاب اللجنة التنفيذية للفيفا. وكان العرض الوحيد الاخر الذي فعل ذلك هو عرض روسيا الفائز بشرف استضافة كأس العالم 2018.
ووعد حسن الذوادي المدير التنفيذي لعرض قطر بأن اسرائيل ستلقى ترحيبا في حال مشاركتها في البطولة. ولم يكن الفيفا ليفكر في قبول عرض قطر لاستضافة البطولة اذا ما كانت هناك اي تكهنات بأن اسرائيل التي تتجنبها معظم الدول العربية لن يسمح لها بالمشاركة اذا ما تأهلت الى البطولة.
واقترح سيب بلاتر رئيس الفيفا مؤخرا امكانية استضافة قطر للبطولة مع جاراتها من دول الخليج. الا ان المراقبين في المنطقة يقولون انه من غير المحتمل ان تسمح قطر بأن يتقاسم أحد المجد معها.
وقال روبرتس "استضافة كأس العالم تمثل تتويجا للسياسات القطرية في العقد الماضي حيث اظهرت قطر تصميما ثابتا لا يلين للترويج لنفسها بقدر الامكان بهدف تعزيز قوتها الناعمة بشكل اساسي."
واضاف "منطقة الخليج تشكل منطقة تنافسية. استضافة كأس العالم والدعاية التي سيجلبها مثل هذا الحدث والاتصالات والاموال التي سيوفرها اضافة للمجد والاحترام اللذين تحققهما استضافة بطولة ناجحة ربما يمثل مزية تنافسية هائلة."
