[center]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]السؤال:
نحن مجموعة من الطلبة نتلقى القرآن مشافهة بطريقة التحقيق من شيخ مقرئ مجاز، يشترط علينا عند بدء عرض القرآن تجويد الاستعاذة، وعند التلقين نردد بعده الآيات جميعا بصوت واحد. فهل الاستعاذة من القرآن؟ وهل تجود مثل آيات القرآن؟ وهل الترديد الجماعي جائز شرعا ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على منْ أرسلهُ الله رحمةً للعالمينَ، وعلى آلهِ وصحبهِ وإخوانهِ إلى يومِ الدينِ أما بعد:
فالمعلومُ أنّ التعبدَ بتحسينِ الصوتِ وترتيلهِ إنما يكون لخصوص القرآن الكريم دونما سواه لقوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ [المزمل: 4] وقوله تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ [الإسراء: 106]، ولقولهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ»(١) وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَذِنَ الله لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ»(٢).
ومما لا يخفَى أنّ الاستعاذةَ شُرعت لابتداءِ القرآن صيانةً للقراءة عن وساوس الشيطان لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98]، قال ابنُ حزم -رحمه الله-: «قد صحَّ إجماعُ جميع قراء أهل الإسلام جيلاً بعد جيلٍ على الابتداء بالتعوّذ متصلاً بالقراءة قبل الأخذ في القراءة»(٣) وليست الاستعاذة بآيةٍ من القرآن الكريم، وكلُّ ما ليس منه لا يأخذُ حكمه سواء من جهة التعبد أو الاستدلال إلاّ بدليل. ويُسر الاستعاذة في الصلاة ولا يجهر بها، قال ابن قدامة: «لا أعلم فيه خلافا»(٤).
أمّا ترديد القراءة جماعيًا في حصة التلقين بصوتٍ واحدٍ على وجه التعبد فهو أمرُ محدَث لم يعرفه السلف الصالح، ثمّ إن القراءة الجماعية ينتفي فيها الاستماع والإصغاء المأمور بهما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]
هذا، ويجوز الاجتماعُ على قراءة القرآن، كلُّ واحدٍ بانفراده أو بطريق الإدارة، فإنّ ميزتها أنها تساعد على تعلّم القرآن وإتقان القراءة مع خلو هذه الطريقة من الإخلال بالاستماع المأمور به وتجردها من التشويش واختلاطِ الأصوات، وعلى هذا المعنى يحمل حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِم السَكِينَةُ وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُم الملاَئِكَةُ وَذَكَرَهُم الله فِيمَنْ عِنْدَهُ»(٥) وحديثُ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن معاوية رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ الله وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإسْلاَمِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: «آللهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ» قَالُوا: وَالله مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ، قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الله يُبَاهِي بِكُم الملاَئِكَةَ»(٦).
والعلمُ عندَ الله تعالى، وآخِرُ دعْوانَا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمينَ وصَلَّى الله على محمَّد وآلهِ وصحبهِ وإخوانهِ إلى يومِ الدينِ وسلَّمَ تسليمًا