بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعاى آله وصحبه أما بعد:
لذَّة العلم
قال الخطيب البغدادي: حدَّثني أبو النجيب عبد الغفَّار بن عبد الواحد الأرموي مُذاكرةً، قال: سمعت الحسن بن عليٍّ المقرئ، يقول: سمعت أبا الحسين بن فارسٍ اللغوي يقول: سمعت الأستاذ ابن العميد يقول: ما كنت أظنُّ أنَّ في الدنيا حلاوةً ألذَّ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها حتى شاهدتُ مذاكرةَ سليمان بن أحمد الطبراني وأبي بكرٍ الجعابي بحضرتي، فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة حفظه، وكان الجعابي يغلب الطبراني بفطنته وذكاء أهل بغداد، حتى ارتفعت أصواتهما ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه، فقال الجعابي: عندي حديثٌ ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: هاته، فقال: نا أبو خليفة نا سليمان بن أيوب ..، ـ وحدَّث بالحديث ـ فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب!، ومني سمع أبو خليفة، فاسمع مني حتى يعلوَ إسنادك فإنك تروي عن أبي خليفة عني! فخجل الجعابي وغلبه الطبراني، قال ابن العميد: فوددت في مكاني أنَّ الوزارة والرئاسة ليتها لم تكن لي وكنت الطبراني، وفرحت مثل الفرح الذي فرح به الطبراني لأجل الحديث، أو كما قال.. اه
[«الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (2/ 412)]
صدق، والله هذه اللذة، لا لذَّة الشهوات والمناصب الزائلة.
وقال الإمام إبراهيم بن أدهم: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه ما نحن فيه من السرور والنعيم إذًا لجالدونا عليه بالسيوف.
[«حلية الأولياء» (7/ 370)].
وقال ابن القيِّم: حدَّثني شيخنا [ابن تيمية] قال: ابتدأني مرضٌ فقال لي الطبيب: إنَّ مطالعتك، وكلامك في العلم يزيد المرض! فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك! أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت قويت الطبيعة فدفعت المرض؟ فقال: بلى. فقلت له: فإنَّ نفسي تُسرُّ بالعلم؛ فتقوى به الطبيعة، فأجد راحةً.
فقال : هذا خارجٌ عن علاجنا، أو كما قال.
[«روضة المحبِّين» (70)، و«مفتاح دار السعادة» (1/ 250)]
نقلا من موقع الشيخ فركوس
للإنتفال إلى موقع الشيخ فركوس إضغط هــــنـــــــــــا