قال أبو القاسم : إذا أجدبت الأرض واحتبس المطر خرجوا مع الإمام فكانوا في خروجهم كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا خرج للاستسقاء خرج متبذلا متخشعاً متذللاً متضرعاً ولا يستحب إخراج البهائم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا نعلم خلافاً في أنها ركعتان . واختلفت الرواية هل يكبر بتكبير العيد أم لا ؟ قال ابن المنذر : ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الاستسقاء وخطب ، وبه قال عوام أهل العلم إلا أبا حنيفة ، وخالفه صاحباه فوافقا سائر العلماء ، والسنة يستغنى بها عن كل قول . ويسن أن يجهر بالقراءة لحديث عبد الله بن زيد متفق عليه .
ولا يسن لها أذان ولا إقامة ولا نعلم فيه خلافاً . ولا وقت لها إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بلا خلاف ، والأولى وقت صلاة العيد لقول عائشة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس رواه أبو داود .
والمشهور من الروايات أن لها خطبة كالعيد ، والصحيح بعد الصلاة وبه قال مالك والشافعي قال ابن عبد البر : عليه جماعة الفقهاء لقول أبي هريرة : صلى ركعتين ثم خطبنا . والثانية يخطب قبلها روي عن ابن عمر وابن الزبير وإليه ذهب الليث وابن المنذر لحديث عبد الله بن زيد وفيه ثم صلى ركعتين . والثالثة مخير لورود الأخبار بكلا الأمرين . والرابعة لا يخطب بل يدعو ويتضرع لقول ابن عباس : لم يخطب كخطبتكم هذه لكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ، والأولى أن يخطب بعدها ، فإن أغيثوا لم يحتاجوا إلى الصلاة في المطر ، وقول ابن عباس نفي للصفة لا لأصل الخطبة .
ويستحب للخطيب استقبال القبلة في أثناء الخطبة لما روى عبد الله بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي فحول إلى الناس ظهرة واستقبل القبلة يدعو .
ويستحب أن يحول رداءه في حال استقبال القبلة للإمام والمأموم في قول أكثر أهل العلم ، وقال أبو حنيفة : لا يسن والسنة أحق أن تتبع ، وحكي عن ابن المسيب أن تحويل الرداء مختص بالإمام ، وصفته أن يجعل ما على الأيمن على اليسرى وبالعكس ، وكان الشافعي يقول به ثم رجع فقال : يجعل أعلاه أسفله لأنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يفعله فلما ثقل عليه جعل العطاف الذي على الأيسر على عاتقه الأيمن وعكسه ، ولنا فعله صلى الله عليه وسلم تلك إن ثبتت فهي ظن من الراوي لا يترك لها فعله .
ويستحب رفع اليدين في دعاء الاستسقاء لحديث أنس رواه البخاري ، ويدعو ويدعون ويكثرون الاستغفار ، وعن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى ميمون بن مهران : قد كتبت إلى البلدان أن يخرجوا إلى الاستسقاء إلى موضع كذا وأمرتهم بالصدقة والصلاة ، قال الله (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) وأمرتهم أن يقولوا كما قال أبوهم آدم : (ربنا ظلمنا أنفسنا) الآية ثم ذكر دعوة نوح ويونس وموسى (رب إني ظلمت نفس فاغفر لي ) وهل من شرطها إذن الإمام؟ على روايتين : إحدهما لا يستحب إلا بخروجه أو رجل من قبله قال أبو بكر : إذا خرجوا من غير إذنه دعوا وانصرفوا ، وعنه يصلون لأنفسهم ويخطب أحدهم ، ووجه الأولى أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها وإنما فعلها على صفة فال نتعداها فإن سقوا وإلا عادوا في اليوم الثاني والثالث وبه قال مالك والشافعي ، وقال إسحق : لا يخرجون إلا مرة لأنه صلى الله عليه وسلم لم بخرج إلا مرة ، ولنا أنه سبحانه يحب الملحين ، وكونه لم يخرج لم يخرج فلاستغنائه بالإجابه .
ومن هنا إلى آخر الباب من (الانصاف ) :
وجعل الشيخ مسألة التوسل به صلى الله عليه وسلم كمسألة اليمين به قال : والتوسل بالإيمان به وطاعته ومحبته وبدعائه وشفاعته ونحوه مما هو فعله أو أفعال العباد المأمور بها في حقه مشروع إجماعاً وهو من الوسيلة المأمور بها في قوله تعالى ( وابتغوا إليه الوسيلة) وقال الإمام أحمد وغيره من العلماء في قوله : " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) الاستعاذة لا تكون بمخلوق . ويرفع يديه بلا نزاع وظهورهما نحو السماء ، واختار الشيخ بطونهما وقال : صار كفهما نحو السماء لشدة الرفع لا قصداً منه ، وإنما كان يوجه بطونهما مع القصد . ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة وقيل بعدها .