المستحب إقامتها بعد الزوال لفعله صلى الله عليه وسلم ، ويصعد للخطبة على المنبر ليسمع الناس ، وليس بواجب لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم على الأرض قبل أن يصنع المنبر ، ويستحب إذا خرج أن يسلم على الناس ، ثم إذا صعد المنبر فاستقبلهم سلم عليهم ، ويجلس إلى فراغ المؤذن وبه قال الشافعي وقال مالك : لا يسلم عقيب الاستقبال لأنه سلم حال خروجه ، وأما مشروعية الأذان عقيب صعود الإمام فلا خلاف فيه وهو الذي يمنع البيع ويلزم السعي لأنه الذي كان على عهده صلى الله عليه وسلم فتعلق الحكم به ، وتحريم البيع مختص بالمخاطبين وحكي في غيرهم روايتان والصحيح ما ذكرنا فإن الله نهى من أمره بالسعي ، وكلما بكر من أول النهار فهو أفضل وهذا مذهب الشافعي ، وقال مالك لا يستحب قبل الزوال ، ولنا حديث أبي هريرة في الساعات ، وروى الترمزذي وحسنه " من غسل واغتسل وبكر وابتكر كان له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها " ورواه ابن ماجه وزاد " ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ " وقوله : بكر خرج في بكرة النهار ، وابتكر بالغ في التكبير وقيل : معناه ابتكر العبادة مع بكورها وقيل : ابتكر الخطبة أي حضرها من باكورة الثمرة أي أولها وغير هذا أجود لأن من جاء أول النهار لزم أن يحضر أول الخطبة ، قال أحمد : من غسل مشددة يريد من غسل أهله ، وكان غير واحد من التابعين يستحبه ليكون أسكن لنفسه وقيل : غسل رأسه واغتسل في بدنه حكى عن ابن المبارك ، وقوله غسل الجنابة على هذا أي كغسل الجنابه ، والمستحب أن يمشي لقوله ومشى ولم يركب ، وتجب ولو كان من يقيمها مبتدعاً نص عليه ، ولا تعاد ، والظاهر من حال الصحابة أنهم لم يكونوا يعيدونها .
والخطبة شرط لا تصح بدونها ولا نعلم فيه مخالفاً إلا الحسن قال : تجزيهم جمعتهم خطب أو لم يخطب ، ولنا قوله تعالى : (فاسعوا إلى ذكر الله ) والذكر الخطبة ، وسئل أحمد عن الخطبة قاعداً فلم تعجبه قال : قال الله تعالى : ( وتركوك قائماً ) . ويستحب لهم أن يستقبلوه إذا خطب قال ابن المنذر : هذا كالاجماع ، وعن الحسن أنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الأمام . ويشرط للجمعة خطبتان وهو مذهب الشافعي ، وقال مالك : يجزئه خطبة واحدة ، ويشترط لكل واحدة منهما حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن لا تجب الصلاة عليه لأنها لم تذكر في خطبته ، وأما القراءة فقال القاضي : يحتمل أن تشترط . قال أصحابنا : ولا يكفي أقل من آية وظاهر كلام أحمد لا يشترط ذلك لأنه قال : القراءة في الخطبة ليس فيها شيء مؤقت ، وقال : إن خطب وهو جنب ثم اغتسل وصلى بهم أجزأه ، والجنب ممنوع من قراءة آية ، ويحتمل أن لا يجب سوى حمد الله والموعظة لأنه يسمى خطبة وما عداهما ليس على اشتراطه دليل ، ولكن يستحب أن يقرأ آيات لما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم . ويستحب أن يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة ، وقال الشافعي : هي واجبة لأنه صلى الله عليه وسلم يجلسها ، ولنا أنه سرد الخطبة جماعة من الصاحبة منهم المغيرة وأبي بن كعب قال أحمد ، والسنة أن يخطب متطهراً وعنه أنه من شرائطها .
ويسن أن يتولى الصلاة من يتولى الخطبة وإن خطب رجل وصلى آخر جاز لكن قال أحمد : لا يعجبني لغير عذر ، وهل يشترط أن يكون المصلي ممن حضر الخطبة ؟ فيه روايتان .
من السنة أن يقصد تلقاء وجهه لأنه لو التفت لأعرض عن الجانب الآخر ، ويستحب أن يرفع صوته لقول جابر : كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ، ويستحب تقصيرها لحديث عمار وغيره ، وأن يعتمد على عصا أو قوس أو سيف لحديث الحكم وفيه : فقام متوكئاً على عصا أو قوس رواه أبو داود ، وسئل أحمد عمن قرأ سورة الحج على المنبر؟ قال : لا لم يزل الناس يخطبون بالثناء على الله والصلاة على رسوله ، وان قرأ السجدة في أثناء الخطبة فإن شاء نزل فسجد وإن شاء ترك ، فعل عمر وترك ، وبه قال الشافعي ، ونزل عثمان وأبو موسى وغيرهما وبه قال أًصحاب الرأي لأن السجود عندهم واجب ، وقال مالك : لا ينزل لأنها تطوع فلا يشتغل بها في أثناء الخطبة ، ولنا فعل عمر وتركه وفعل من سمينا من الصحابة . ويستحب أن يدعو للمؤمنين والمؤمنات ولنفسه وللحاضرين ، وإن دعا لسطان المسلمين بالصلاح فحسنٌ ، وروى ضبه بن مصن أن أبا موسى إذا خطب فحمد الله وصلى على النبي يدعو لعمر فأنكر عليه ضبة البدأة بعمر قبل الدعاء لأبي بكر فرفع إلى عمر فقال لضبة : أنت أوفق منه وأرشد ، وقال عطاء : هو محدث .
وصلاة الجمعة ركعتان يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة ويجهر بالقراءة لا خلفا في ذلك كله ، ويستحب أن يقرأ فيهما بالجمعة والمنافقين لحديث أبي هريرة رواه مسلم ، أو سبح والغاشية لحديث النعمان بن بشير رواه مسلم . وأكثر أهل العلم يرون أن من أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فهو مدرك لها يضيف إليها أخرى وتجزئه ، وقال عطاء وغيره : من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً . ولنا حديث أبي هريرة ولأنه قول ابن مسعود وأنس وابن عمر ولا مخالف لهم في عصرهم ، ومن أدرك أقل بني عليها ظهراً إذا دخل بنية الظهر وهو قول جميع من ذكرنا في التي قبلها ، وقال حماد والحكم : يدرك بأي قدر أدركه ، ولنا حديث أبي هريرة المتقدم ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة والتابعين ولا مخالف لهم في عصرهم فيكون إجماعاً . ومن أحرم مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على السجود والركوع حتى سلم الإمام فعنه يكون مدركاً ويصلي ركعتين وهو قول الحسن والأوزاعي ، وعنه يصلي أربعاً وهو قول الشافعي وابن المنذر ، فإن قدر على السجود على ظهر إنسان أو قدميه لزمه وأجزأه وبه قال الشافعي واابن المنذر ، وقال مالك : لا يفعل وتبطل به الصلاة لقوله " مكن جبهتك من الأرض " ، ولنا قول عمر : إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه رواه سعيد . قاله بمحضر من الصحابه في يوم جمعة .
ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما وبه قال الشافعي لحديث جابر رواه مسلم ، وقال مالك : يجلس ولا يركع لقوله : "اجلس فقد آذيت " وهي قضية عين الظاهر أنه أمره ليكف أذاه عن الناس . ويجب الإنصات من حين يأخذ في الخطبة وكره الكلام حينئذ عامة أهل العلم ، وعنه لا يحرم الكلام وكان سعيد بن جبير والنخعي والشعبي يتكلمون والحجاج يخطب ، وقال بعضهم : إنا لا نؤمر أن ننصت لهذا ، واحتج من أجازه بحديث أنس أن رجلاً قال لرسول الله وهو يخطب : هلك الكراع هلك الشاء فادع الله الحديث متفق عليه ، ولنا قوله : "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب : أنصت فقد لغوت " متفق عليه ، وما احتجوا به يحتمل أنه مختص بمن كلم الإمام ، ولا يحرم الكلام على الخطيب ولا على من سأله الخطيب لأنه صلى الله عليه وسلم سأل سليكاً :" أصليت؟" قال : لا ، وعمر سأل عثمان ، وإذا سمع متكلماً لم ينهه بالكلام لحديث أبي هريرة ولكن بالإشارة , نص عليه ، وكره طاوس الإشارة ، وسئل أحمد عن رد السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب فقال : نعم قد فعله غير واحد ، وعنه إن كان يسمع الخطبة فلا ، وللبعيد أن يذكر الله ولا يرفع صوته ، ورخص له في الذكر والقراءة عطاء وغيره . ولا يكره الكلام قبل الخطبة ولا بعدها وبه قال عطاء وغيره ، وقال ابن عبد البر : ابن عمر وابن عباس يكرهان الكلام بعد خروج الإمام ولا مخالف لهما في الصحابة وقد ذكرنا عن عمومهم خلاف هذا وقوله " إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب" الحديث ، وروى ثعلبة أنهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة إذا جلس عمر على المنبر . الحديث ، فأما الكلام في الجلسة بينهما فيحتمل جوازه وهو قول الحسن ، ويحتمل المنع وهو قول مالك والشافعي وهل يسوغ الكلام إذا كان في دعاء ؟ احتمالان . ويكره العبث وهو يخطب لقوله : " من مس الحصا فقد لغا " ويكره الشرب والإمم يخطب وبه قال مالك ، ورخص فيه الشافعي ، قال أحمد : لا يتصدق على السائل والإمام يخطب ، وإن حصبه كان أعجب إلى لفعل ابن عمر . ولا بأس بالاحتباء والإمام يخطب روي عن جماعة من الصحابة ، وقال أبو داود : لم يبلغني أن أحداً كرهه إلا عبادة بن نسي لأن سهل بن معاذ روى انه صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب رواه أبو داود وفي إسناده مقال ، قال ابن المنذر : الأولى تركه لأجل الخبر وإن كان ضعيفاً .
وإنما تجب بشروط سبعة : القرية ، والأربعين ، والذكورية ، والبلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والاستيطان . وهذا قول أكثر أهل العلم . فأما القرية فيعتبر أن تكون مبينة بما جرت العادة به من طين أو قصب أو شجر ونحوه ، فأما أهل لاخيام وبيوت الشعر فلا جمعة عليهم ولا تصح منهم لأن ذلك لا ينصب للاستيطان غالباً ، ولذلك كان الذين حول المدينة لم يقيموا جمعة ولا أمرهم بها صلى الله عليه وسلم ، ومتى كانت القرية لا تجب على أهلها الجمعة فسمعوا النداء من المصر أو من قرية تقام فيها لزمهم السعي اليها لعموم الآية . والأربعون شرط لصحة الجمعة وهو مذهب مالك والشافعي ، وعنه تنعقد بثلاثة هو قول الأوزاعي وأبي ثور ، وقال ربيعة : تنعقد باثني عشر لحديث جابر " فلم يبق إلا اثنا عشر رجلاً " رواه مسلم . ولنا حديث كعب ابن مالك وفيه كم كنتم يومئذ؟ قال أربعون ، فأما الثلاثة والأربعون فتحكم بالرأي فيما لا مدخل له فيه فإن التقديرات بابها التوقيف . وإذن الإمام ليس بشرط وبه قال قال مالك والشافعي ، وعن الحسن وأبي حنيفة لا يقيمها إلا الأئمة في كل عصر فكان إجماعاً . ولنا أن علياً صلى الجمعة بالناس وعثمان محصور فلم ينكر ، وصوبه عثمان وأمر بالصلاة معه رواه البخاري عن عبيد الله بن عدي قال أحمد : وقعت الفتنية بالشام تسع سنين فكانوا يجمعون . ولا يشترط لها المصر . وبه قال مالك والشافعي ، وعن أبي حنيفة لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ، ولنا قول كعب بن مالك أول من جمع بنا أسعد بن زرارة في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له الخضمات رواه أبو داود قال ابن جريج : قلت لعطاء : أكان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال الخطابي : حرة بني بياضة قرية على ميل من المدينة . وحديث ابن عباس في جواثا . ولا يشترط لها البنيان فتجوز فيما قاربه من الصحراء ، وقال الشافعي : لا تجوز ، ولنا أن مصعباً جمع بهم في نقيع الخضمات ، والنقيع بطن من الأرض يستنقع الماء فيه مدة فإذا نضب نبت الكلأ .
وإذا كان البلد يحتاج إلى جوامع فصلاة الجمعة فيها جائزة ، وأجازه أبو يوسف في بغداد دون غيرها لأن الحدود تقام فيها في موضعين ، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : لا تجوز في بلد واحد إلا في موضع واحد لأنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده لم يجمعوا إلا في واحد ، ولنا أن علياً كان يستخلف أبا مسعود (البدري) يوم العيد يصلي بضعفة الناس ، ولما دعت الحاجة إلى ذلك في الأمصار صليت في أماكن فلم ينكر فكان إجماعاً قال أحمد يقام بالمدينة قدمها مصعب بن عمير وهم مختبئون في دار فجمع بهم وهم أربعون ، فأما مع عدم الحاجة فلا يجوز لا نعلم فيه خلافاً إلا أن عطاء قيل له : إن أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر قال : لكل قوم مسجد يجمعون فيه ، قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه أن لا جمعة على النساء . فأما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أن لا جمعة عليه ، وحكي عن النخعي أنها تجب ، ولنا أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلها في سفر ولا خلفاؤه وكذلك غيرهم من الصحابة ، قال أبراهيم : كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنتين لا يجمعون ولا يشرقون ، وأما العيد ففيه روايتان قال ابن المنذر أجمعوا أن لا جمعة على النساء وأجمعوا على أنهن إذا حضرن فصلين الجمعة أن ذلك يجزيء عنهن .
ولا تنعقد الجمعة بمن لا تجب عليه ولا يصح أن يكون إماماً فيها ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يجوز أن يكون العبد والمسافر إماماً فيها ووافقهم مالك في المسافر . وإن ظن أنه لا يدرك الجمعة انتظر حتى يصلي الإمام ثم يصلي الظهر وبه قال مالك والشافعي في الجديد ، وقال في القديم وأبو حنيفة : يصلي ظهراً فأما من لا تجب عليه فله أن يصلي قبل الإمام في قول الأكثر .
ولا يكره لمن فاتته الجمعة أو لم يكن من أهل فرضها أن يصلي جماعة إذا أمن أن ينسب إلى مخالفة الإمام فعله ابن مسعود وغيره وهو قول الشافعي ، وكرهه مالك ، ولنا حديث فضل الجماعة . وفاتت الجمعة عبد الله فصلى بعلقمة والأسود احتج به أحمد وقال : ما أعجب الناس ينكرون هذا.
ويستحب لمن ظهر للجمعة أن يغتسل ويلبس ثوبين نظيفين ويتطيب ولا خلاف فيه هذا كله ، وفيه آثار صحيحة وليس بواجب (في قول الأكثر ، وقال ابن المنذر : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً ليس غسل الجمعة بفرض واجب ) . وعنه أنه واجب ولنا قوله "ومن اغتسل فالغسل أفضل" وقصة عمر مع عثمان . ووقت الغسل بعد طلوع الفجر وهو قول الشافعي ، وعن مالك لا يجزيه إلى أن يتعقبه الرواح ، وإن أحدث بعده أجزأه الغسل وكفاه الوضوء وبه قال مالك والشافعي ، واستحب طاوس وغيره إعادة الغسل ، ومن لا يأتي الجمعة لا غسل عليه وكان ابن عمر لا يغتسل وكان عطاء لا يغتسل ، وكان طلحة يغتسل ، وروي عن مجاهد وطاوسس ولعلهم أخذوا بالعموم ، ولنا قوله : " من أتى الجمعة فليغتسل " . ويستحب أن يلبس ثوبين نظيفين لحديث عبد الله بن سلام رواه مسلم . والتطيب مندوب إليه والسواك لما ورد .
ولا يتخطى رقاب الناس ولا يفرق بين اثنين لما ورد ، فإن رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي فروايتان ، قال الحسن : يتخطى رقاب الذين يجلسون على أبواب المساجد فإنهم لا حرمة لهم ، وعنه إن كان يتخطى الواحد والإثنين فلا بأس وإن كثر كرهناه ، ولعل الرواية الأولى وكلام الحسن فيما إذا تركوه مكاناً واسعاً والثاني فيمن لم يفرط . وإذا جلس في مكان فبدت له حاجة أو احتاج إلى الوضوء فله الخروج لحديث عقبة في قسمة التبر وفيه " قام مسرعاً بتخطي رقاب الناس " رواه البخاري ثم إذا رجع فهو أحق بمجلسه لقوله : " من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به " رواه مسلم . وليس له أن يقيم إنساناً ويجلس في موضعه لحديث ابن عمر ، فإن قدم رجلا حتى إذا جاء قام جاز لأنه يقوم باختياره . وعن ابن سيرين أنه يرسل غلاماً له يوم الجمعة فيجلس مكانه فإذا جاء محمد قام الغلام وجلس فيه . ويستحب له الدنو من الإمام لقوله : " ودنا من الإمام " ولحديث سمرة " احضروا الذكر وادنوا من الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها " رواه أبو داود . وتكره الصلاة في المقصورة التي تحمى نص عليه ، ورخص فيه أنس وغيره ، وقال أحمد : ما أدري هل الصف الأول الذي يقطعه المنبر أو الذي يليه . ويستحب لمن نعس يوم الجمعة أن يتحول من موضعه لحديث ابن عمر ، ويكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة لحديث أوس وفيه " أكثروا علىَّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ " رواه أبو داود ، ويستحب قراءة الكهف في ويمها والإكثار من الدعاء ليوافق ساعة الإجابة . وإن صلوا الجمعة في الساعة السادسة قبل الزوال أجزأتهم روي عن ابن مسعود وغيره أنهم صلوا قبل الزوال ، وعنه تجوز في وقت صلاة العيد وقال أكثر أهل العلم : وقتها وقت الظهر إلا أنه يستحب تعجيلها ، ولنا على جوازها في السادسة قول جابر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يعني الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس رواه مسلم ، وعن سهل قال : ما كنا نقيل ولا نتغدي إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ، قال ابن قتيبة : لا يسمى غداء ولا قائلة إلا بعد الزوال ، وأما في أول النهار فلا تجوز كما ذكر أكثر أهل العلم ، والأولى أن لا يصلي إلا بعد الزوال كصلاته صلى الله عليه وسلم في غالب أوقاته . فإن اتفق عيد ويوم الجمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد إلا الإمام وهو قول النخعي والشعبي والأوزاعي ، وقال أكثر الفقهاء : تجب الجمعة لعموم الأخبار وعموم الآية ولنا حديث زيد بن أرقم ، وما احتجوا به مخصوص بما روينا ، وأما الإمام فلا تسقط عنه لقوله صلى الله عليه وسلم : " وإنا مجمعون " وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد فعنه يجزئه ولا يلزمه شيء إلى العصر لفعل ابن الزبير قال الخطابي : هذا لا يحمل إلا على قول من يجوز تقديم الجمعة قبل الزوال . وتجب على من بينه وبين الجامع فرسخ في غير أهل المصر ، قال أحمد : أما أهل المصر فلا بد لهم من شهودها سمعوا النداء أو لم يسمعوا وهذا قول مالك ، وعن عبد الله بن عمر ، الجمعة على من سمع النداء وهو قول الشافعي ، وعن ابن عمر وغيره الجمعة على من أواه الليل إلى أهله ، وقال أصحاب الرأي : لا جمعة على من كان خارج المصر لأن عثمان صلى العيد يوم الجمعة وأرخص لأهل العوالي ، ولنا الأية وإرخاص عثمان لاجتماع العيدين كما قررناه . ومن تجب عليه الجمعة لا يجوز له السفر بعد دخول وقتها وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفه : يجوز لقول عمر : الجمعة لا تحبس عن سفر ، وروي عن ابنه وعائشة ما يدل على الكراهة فيعارض قوله ، وإن سافر قبل الوقت فعنه يجوز وهو قول أكثر أهل العلم وذكر أبو الخطاب أن الوقت الذي يمنع ويختلف فيما قبل زوال الشمس قال أحمد : إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين وإن شاء صلى أربعاً وفي رواية إن شاء ستاً لحديث أبي هريرة في الأربع رواه مسلم وحديث ابن عمر في الركعتين متفق عليه ، وقال أحمد : لو صلى مع الإمام ثم لم يصل شيئاً حتى العصر جاز قد فعله عمر ان بن حصين .
ويستحب لمن أراد الركوع يوم الجمعة أن يفصل بينها وبينه بكلام أو قيام من مكانه لحديث معاوية رواه مسلم قال أحمد : إذا قرأوا الكتاب يوم الجمعة على الناس بعد الصلاة أعجب إلى أن يسمع إذا كان فتحاً من فتوح المسلمين أو فيه شيء من أمور المسلمين ، وإن كان إنما فيه ذكرهم فلا يستمع وقال : الذين يصلون في الطرقات إذا لم يكن بينهم باب مغلق فلا بأس ، وسئل أحمد عن الرجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة قال : أرجو أن لا يكون به بأس .
ويستحب أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بالم السجدة وهل أتى (على الإنسان) لحديث أبي هريرة وابن عباس رواهما مسلم ، قال أحمد : ولا أحب أن يداوم عليها لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة .
ومن هنا إلى آخر الباب من (الانصاف ) :
قوله مستوطناً ببناء واختار الشيخ وجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام ، لكن اشترط في موضع آخر أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية . ولا تجب على مسافر ، وقال الشيخ : يحتمل أن تلزمه تبعاً للمقيمين . واختار انعقادها بثلاثة وأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم واجبة لا شرط ، وأوجبها مع الدعاء الواجب وتقديمها عليه لوجوب تقديمها على النفس ، واختار وجوب الشهادتين في الخطبة وأن الخطبة لا يكفي فيها ذم الدنيا وذكر الموت لأنه لابد من اسم الخطبة عرفاً .
يقرأ في فجرها با لم السجدة وهل أتى قال الشيخ : لتضمنهما ابتداء خلق السموات والأرض وابتداء خلق الإنسان إلى إلى أن يدخل الجنة أو النار ، قال : ويكره تحريه قراءة سجدة غيرها ، قال : والصلاة قبل الجمعة حسنة وليست سنة راتبة فمن فعل أو ترك لم ينكر عليه وهذا أعدل الأقوال ، وحينئذ فقد يكون الترك أفضل إذا اعتقد الجهلة أنها سنة راتبة . وأوجب الغسل للجمعة على من به عرق أو ريح يتأذى به الناس ، واختار تحريم التخطي إذا لم يجد فرجة ، قال : وليس لأحد أن يتخطى رقاب الناس ليدخل في الصف إذا لم يكن بين يديه فرجة لا يوم الجمعة ولا غيره ، قال أحمد : أكثر الأحاديث أن ساعة الإجابة بعد العصر ، وإن جد مصلى مفروشاً فقال الشيخ : له رفعه في أظهر قولي العلماء ، قال : وليس له فرشه .