إن تربية الطفل المسلم وتعويده على العبادات الدينية كالصلاة والصيام وغيرهما لهي من أعظم مطالب الشرع، بل إن ذلك يعتبر من حفظ الأمانات التي استودعها الله أولياءَ الأمور، وما أعظم الحديث الذي يبين فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأمر فيقول: ((كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، قال: وحسبت أن قد قال: والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته))1، وحبذا لكل راعٍ أن يحرص على تربية رعيته من الصغر كما قيل: "التعليم في الصغر كالنقش في الحجر"، ولذا قد صح أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يحرصون على ذلك أشد الحرص كما في حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال آمراً الناس بصيام يوم عاشوراء: ((من كان أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه)) قال الراوي: فكنا بعد ذلك نصومه - أي عاشوراء -، ونصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن؛ فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار"2.
ولعل من أهم أمور الدين التي يجب على كل راع أن يربي رعيته وصغاره عليها: صوم رمضان، وتسهيلاً لطريقة تربية الأطفال على هذه الشعيرة وهذا الركن؛ نقدم بين أيديكم هذه التنبيهات والمقترحات التي ستكون - بإذن الله - عوناً للمربين في إنجاح هذه المهمة العظيمة:
1- "التدرج في تكليف الطفل بالصوم كما ذكرنا سابقاً بحيث نصل في نهاية المطاف إلى تعويد الطفل على صيام اليوم كاملاً، وهذا الأمر قد يطول ويتطلب فترة زمنية طويلة؛ بحيث تنجز المهمة خلال عدة سنوات وليس سنه واحدة.
2- يراعى عدم إجبار الطفل أو ضربه أو معاداته، أو الغضب عليه عند عدم مقدرته إكمال الصيام، أو ملاحظة تهاونه فيه، ويجب أن تكون الدافعية والرغبة نابعة منه في ظل تشجيع من الوالدين والإخوان، مع اختلاق الأعذار للطفل عند إفطاره قبل الموعد، والثناء على الفترة التي قضاها بالصيام.
3- تجنب كل ما يقود إلى إفطار الطفل سراً، وامنع إدخال الحلويات والشوكولاته، والمشروبات المغرية خلال النهار، أشعر الطفل أن الكثير من الأطفال لا يستطيعون إكمال الصيام إلى الليل.
4- ابتعد عن مقارنة الطفل بالأطفال الآخرين وبخاصة عند وجود بعض القصور في أدائه، وحاول إهمال ذلك التقصير، والتركيز على جوانب القوة والجوانب الإيجابية لديه.
5- يمكن للطفل أن يقضي جزءاً من النهار في النوم (إلى الظهر مثلاًّ)، وبخاصة عند عدم وجود المدارس في الإجازات، حيث يستيقظ الطفل للصلاة وقد مضى ما يزيد على نصف النهار؛ مما يشجعه ويدفعه لإكمال الصيام.
6- أوقف ممارسة الطفل لكرة القدم، أو الأنشطة الرياضية المجهدة أثناء النهار، ويمكن للطفل ممارسة السباحة والمشي، والأنشطة الرياضية الخفيفة والذهنية وهو صائم، وتأجيل الرياضة المستهلكة للطاقة إلى الليل.
7- يمنع صيام الطفل المريض بفقر الدم أو الهزال، أو السكري أو أمراض الكلى وما شابهها، وعند التفكير في تكليف هذا الطفل بالصيام فيجب أن يكون ذلك تحت إشراف الطبيب؛ وإياك أن تتهاون في هذا الأمر ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
8- يراعى أن تحتوي وجبة الطفل على كافة العناصر الغذائية المفيدة والمتوازنة بحيث تشمل المجموعات الغذائية الأربع، واحذر أن يصوم الطفل ثم يفطر على وجبة خاوية لا تلبي احتياجات الجسم من العناصر الغذائية، وتأكد أن لدى الطفل قائمته من الحلويات؛ والتي جمعها أثناء النهار لتناولها عند الإفطار.
9- يمكن للطفل تناول ذلك، وعدم حرمانه؛ ولكن بعد تناول الوجبة الرئيسية"3.
10- لا بد من مراعاة وجبة السحور التي فيها البركة ليكون في ذلك عوناً للطفل على مواصلة أكبر وقت ممكن.
والحمد لله رب العالمين.