نماذج من حال السلف في رمضان
كان سلفنا الصالح ينتظرون رمضان بشوق وحنين وقلوب صادقة ليكون شهر مضمار وسباق إلى الله جل وعلا في شتى القربات .
قال معلى بن الفضل عن السلف رحمهم الله :
'كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم'
وقال يحي بن أبى كثير:
'كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً'.
وباع قوم من السلف جارية
فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم؛ فقالوا: 'نتهيأ لصيام رمضان'
فقالت: 'وأنتم لا تصومون إلا رمضان؟!! والله لقد جئت من عند قوم السنة عندهم كلها رمضان لا حاجة لي فيكم ..ردوني إليهم ثم رجعت إلى سيدها الأول.
كيف كان حال السلف رحمهم الله تعالى في رمضان ؟!!. هل كانوا يسهرون أمام القنوات لمتبعة المسبقات والفوازير والمسلسلات الرمضانية ؟
لا لقد عرفوا فضل ليالي رمضان فاستغلوها حق الاستغلال .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
" من قام رمضان أيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ".
أن السلف الصالح رحمهم الله كان عامهم كله قيام ليس رمضان فحسب بل السنة كلها
روى الأمام أحمد رحمه في مسنده
أنه لما نزلت هذه الاية ( قم الليل إلا قليلا )
قام الصحابة عاما كاملا حتي تفطرت أقدامهم رضي الله عنهم وأرضاهم )
إذا ما الليـل أقبـل كابدوه *** فيسفـر عنهـم وهم ركــــــــوع
أطار الخوف نومهـم فقاموا *** وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم ركوع *** أنين منـه تنفرج الضلــــوع
( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون )
(تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون )
هذا هو دأبهم السنة كلها فأين نحن من هؤلاء الأفذاذ كانوا رهبنا بالليل فرسانا بالنهار
يقول علي رضي الله عنه
"والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وما أرى اليوم شيئا يشبههم
كانوا يصبحون شعثا غبرا صفرا قد باتوا لله سجدا وقياما، يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، وكانوا إذا ذكروا الله
مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم، وكأن القوم باتوا غافلين "
كان سعيد بن المسيب رحمه الله
إذا دخل الليل خاطب نفسه قائلاً قومي يا مأوى كل شر
والله لأدعنك تزحفين زحف البعير فكان إذا أصبح وقدماه منتفختان يقول لنفسه بذا أمرت ولذا خلقت .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى :
إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك .
قال أبو يزيد المعَّنى :
كان سفيان الثوري رحمه الله إذا أصبح مدَّ رجليه إلى الحائط ورأسه إلى الأرض كي يرجع الدم إلى
مكانه من قيام الليل .
كان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه
فيضربها ويقول يا أمّارة بالسوء ما خلقتِ إلا للعبادة .
قال معمر :
صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته :
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }
فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي ، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !!
وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }.
كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله
يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول :
ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلاته.
يا رجال الليل جدوا رب داع لا يـرد
ما يقوم الليــل إلا من له عزم وجد
ليس شيء كصلاة *** الليل للقبر يعــــد
وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
الزاهد العابد إمام أهل السنة إذا دخل شهر رمضان دخل المسجد ومكث فيه يستغفر ويسبح
وكلما انتقض وضوءه عاد فجدد وضوءه فلا يعود لبيته إلا لأمر ضروري من أكل أو شرب أو نوم هكذا حتى ينسلخ شهر رمضان
ثم يقول للناس• هذا هو الشهر المكفر فلا نريد أن نلحق به الأشهر الأخرى في المعاصي والخطايا والذنوب.
صلى سيد التابعين سعيد بن المسيب – رحمه الله –
الفجر خمسين سنة بوضوء العشاء وكان يسرد الصوم.
قال ثابت البناني رحمه الله :
لا يسمى عابد أبداً عابدا ، وإن كان فيه كل خصلة خير حتى تكون فيه هاتان الخصلتان :
الصوم والصلاة ، لأنهما من لحمه ودمه !!
كان الامام أبو حنيفة رحمه الله
يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة وفي رمضان كل يوم مرتين مرة في الليل ومرة في النهار .
وكان قتادة بن دعامة
يختم القرآن في كل سبع مرة فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة
وكان الشافعي رحمه الله
يختم في رمضان ستسن ختمه ما منها شيء إلا في الصلاة .
هذه نماذج يسيرة من حال السلف الصالح في رمضان فما هو حالنا في رمضان ؟ ..
وزَوِّدْ نـَفـْسَـك َالخـَيـْرْ .. .. وَدَع ْ مَـا يُـعْـقِـبُ الضَّـيـرْ
وَهَـيِّـىء مَـركَبَ السَّـيـْرْ .. .. وَخـَف مِـنْ لـُجِّـةِ اليـَّـم
بـِـذا أُوصيتَ يَـا صـَاحْ .. .. وَقـَـد بُـحْتُ كـَمَـنْ بـَـاح ْ
فـَطـُوبَى لِـفــَتـىً راحْ .. .. بـِــآدَابــِيَ يَــــــــــــــأتـــَم
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يخلص لنا القول والعمل
وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة .