لا يخفى على كلّ مسلم ما لشهر رمضان من مكانة في القلوب، كيف لا وهو شهر الرّحمة والمغفرة والعتق من النّار، شهر كلّه هبات وعطايا ومنن من الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هُدًى للنّاس وبيِّنات مِن الهُدى والفرقان}.
وإنّ من خصائص هذا الشهر الكريم التي اختصّ بها عن سواه من الشهور:
ـ أنّ الله تبارك وتعالى أنزل فيه القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى للنّاس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} البقرة: 185، وهو دستور هذه الأمة، وهو الكتاب المبين والصراط المستقيم، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد، وهو الهدى لمَن تمسَّك به واعتصم، وهو النُّور المبين، نورٌ لمَن عمل به، لمَن أحلّ حلاله وحرّم حرامه، وهو الفاصل بين الحق والباطل.
ـ تفتح فيه أبواب الجنّة، وتغلق أبواب النّار، وتصفّد مردة الشياطين وعصاتهم، فلا يصلون ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا دخل رمضان فتحت أبواب السّماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين''، وفي رواية: ''إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنّة'' رواه البخاري.
ـ أنّ مَن فطّر فيه صائمًا فله مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصّائم شيئًا، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''من فطّر صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصّائم شيء'' رواه الترمذي وغيره.
ـ أنّ فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي الليلة المباركة التي يكتب الله تعالى فيها ما سيكون خلال السنة، فمَن حَرُم أجرها فقد حَرُم خيرًا كثيرا، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرُم خيرها فقد حَرُم'' رواه أحمد والنسائي. ومَن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر الله له ما تقدّم من ذنبه، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه'' متفق عليه، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قامها ابتغاءها، ثمّ وقعت له، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر'' رواه أحمد.
ـ أنّ العمرة فيه تعدل حجّة مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ففي الصحيحين قال عليه الصّلاة والسّلام: ''عمرة في رمضان تعدل حجة'' أو قال: ''حجة معي''.
ـ أنه سبب من أسباب تكفير الذنوب والخطايا، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''الصّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر'' رواه مسلم.
ـ أنّ فيه صلاة التراويح، حيث يجتمع لها المسلمون رجالاً ونساءً في بيوت الله تعالى لأداء هذه الصّلاة، ولا يجتمعون في غير شهر رمضان لأدائها.
ـ أنّ الأعمال فيه تضاعف عن غيره، فلمّا سُئل صلّى الله عليه وسلّم أيُّ الصدقة أفضل؟ قال: ''صدقة في رمضان'' رواه الترمذي والبيهقي.
ـ أنّ النّاس أجود ما يكونون في رمضان، ففي الصحيحين عن بن عباس رضي الله عنهما قال: ''كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أجود النّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان''.
ـ كثرة نزول الملائكة، قال الله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} القدر: .4
ـ وقعت فيه غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة التي تنزّلَت فيها الملائكة للقتال مع المؤمنين، فكان النصر المبين حليف المؤمنين، واندحر بذلك المشركون، فلا إله إلاّ الله ذو القوّة المتين.
ـ كان فيه فتح مكة شرّفها الله تعالى، وهو الفتح الذي منه انبثق نور الإسلام شرقًا وغربًا، ونصر الله رسوله، حيث دخل النّاس في دين الله أفواجًا، وقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الوثنية والشرك.