الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فقد أظلنا شهر كريم مبارك، وموسم عظيم من مواسم الخيرات والبركات، يعظم الله عز وجل فيه الأجر، ويجزل المواهب، ويفتح أبواب الرحمة فيه لكل طالب وراغب
وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنان، كما قال النبي «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفدت الشياطين ومردة الجن، وغُلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة» صحيح رواه الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة
الجنة هي الجزاء العظيم، والثواب الجزيل، الذي أعده الله لأوليائه وأهل طاعته، وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كدر وما حدثنا الله به عنها، وما أخبرنا به الرسول يحير العقل ويذهله، لأن تصور عظمة ذلك النعيم يعجز العقل عن إدراكه واستيعابه، استمع إلى قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» رواه البخاري
ثم قال رسول الله اقرؤوا إن شئتم (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) السجدة
أبواب الجنة
أما عن وصف أبوابها
فقال تعالى( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ الزمر ، للجنة أبواب يدخل منها المؤمنون، كما يدخل منها الملائكة، قال تعالى وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الرعد ، ،
وقال تعالى (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ) ص
أبواب الجنة تفتح في كل عام في شهر رمضان
قال رسول الله «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة» البخاري
عدد أبواب الجنة ثـمـانية
ومنها الريان،
وهو خاص بالصائمين ؛ عن سهل بن سعد أن النبي قال «في الجنة ثمانية أبواب ؛ باب منها يسمى الريان يدخله الصائمون، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل غيرهم»
وهناك باب للمكثرين من الصلاة، وباب للصابرين، وباب للمجاهدين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «من أنفق زوجين في سبيل الله من ماله، دُعي من أبواب الجنة، وللجنة ثمانية أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام» متفق عليه
فقال أبو بكر والله ما على أحدٍ من ضرورة دعي من أيهما دعي فهل يدعي منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال نعم، وأرجو أن تكون منهم
فقد روى مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو يسبغ الوضوء، ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء»
درجات الجنة
الجنة درجات متفاضلة تفاضلاً عظيمًا، وأولياء الله المؤمنون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم قال الله تعالى (لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) الحديد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة» أراه قال «وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» رواه البخاري
وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه أن أم حارثة أتت رسول الله وقد هلك حارثة يوم بدر، أصابه سهم غرب، فقالت يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قبل، فإن كان في الجنة لم أَبْكِ عليه، وإلا سوف ترى ما أصنع، فقال لها «أجنة واحدة هي؟ إنها جنات كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى» رواه البخاري
وأهل الجنة متفاضلون في الجنة بحسب منازلهم، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي قال «إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم، قالوا يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم ؟ قال بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» رواه البخاري
أنهار الجنة
قال تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) الرعد
وأنهار من عسلٍ مصفى، في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح
عن حكيم بن معاوية قال سمعت رسول الله يقول «في الجنة بحر اللبن، وبحر الماء، وبحر العسل، وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار منها بعد» صحيح الترغيب والترهيب
وقال رسول الله «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن» البخاري
وجاء في وصف الماء أنه مسكوب، قال تعالى وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ الواقعة
قال الثوري يعني يجري في غير أخدود، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال «لعلكم تظنون أن أنهار الجنة تجري في أخدود في الأرض، والله إنها لتجري سائحة على وجه الأرض حافتاها قباب اللؤلؤ وطينها المسك الأزفر» السلسلة الصحيحة
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وافتح اللهم لنا أبواب رحمتك، واجعلنا من عبادك الصالحين
والحمد لله رب العالمين