بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
يقول أحد المرضى: ذهبت للعلاج في بريطانيا، فأدخلت أكبر المستشفيات هناك، لا يكاد يدخله إلا كبير أو وزير، فلما دخل علي الطبيب ورأى مظهري قال: أنت مسلم؟ قلت: نعم.
فقال: هناك مشكلة تحيرني منذ سنين هل يمكن أن تسمعها مني؟
قلت: نعم.
فقال: أنا عندي أموال كثيرة ووظيفة مرموقة..وشهادة عالية، وقد جربت جميع المتع؛ شربت الخمور المتنوعة، وواقعت الزنا، وسافرت إلى بلاد كثيرة ومع ذالك لا أزال أشعر بضيق دائم وملل من هذه المتع.
عرضت نفسي على عدة أطباء نفسيين وفكرت في الانتحار عدة مرات لعلي أجد حياة أخرى ليس فيها ملل.. ألا تشعر أنت بمثل هذا الملل والضيق؟
فقلت له: لا.. بل أنا في سعادة دائمة.. وسوف أدلك على حل المشكلة ولكن أجبني.
أنت إذا أردت أن تمتع عينيك فماذا تفعل؟
قال: أنظر إلى امرأة حسناء أو منظر جميل.
قلت: فإذا أردت أن تمتع أذنيك فماذا تفعل؟
قال: أستمع إلى موسيقى هادئة.
قلت: فإذا أردت أن تمتع أنفك فماذا تفعل؟
قال: أشم عطراً أو أذهب إلى حديقة.
قلت له: حسناً.
إذا أردت أن تمتع عينيك لماذا لا تستمع إلى موسيقى؟ فعجب مني وقال: لا يمكن؛ لأن هذه متعة خاصة بالأذن.
قلت: فإذا أردت أن تمتع أنفك لماذا لا تنظر إلى منظر جميل؟ فعجب أكثر مني وقال: لا يمكن؛ لأن هذه متعة خاصة بالعين ولا يمكن أن يتمتع بها الأنف.
قلت له: حسناً.. وصلت إلى ما أريده منك.
أنت تحس بهذا الضيق والملل في عنينك؟ قال: لا.
قلت: تحس به في أذنك في أنفك.. فمك.. فرجك؟!
قال: لا بل أحس به في قلبي في صدري.
قلت له: أنت تحس بهذا الضيق في قلبك، والقلب له متعة خاصة به لا يمكن أن يتمتع بغيرها، ولابد أن تعلم الشيء الذي يمتع القلب.. لأنك بسماعك للموسيقى وشربك للخمر ونظرك وزناك لست تمتع قلبك بل تمتع هذه الأعضاء.. فعجب الرجل وقال: صحيح، فكيف أمتع قلبي؟
قلت: بأن تشهد أن لا إله إل الله وأن محمداً رسول الله، وتسجد بين يدي خالقك وتشكو بثك وهمك إلى الله فإنك بذلك تعيش في راحة واطمئنان وسعادة. فهز الرجل رأسه وقال: أعطني كتباً عن الإسلام وسوف أسلم، ثم أكملت علاجي وسافرت، ولعل الرجل يكون أسلم بعد ذلك.
وقفة:
يقول الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 57 - 58].
ويقول في الآية الأخرى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)[العنكبوت: 4].
فعجباً لأقوام يلتمسون الأنس ولانشرح ويبحثون عن السعادة في غير طريقها.
والله إن السعادة كل السعادة في أن يكون الإنسان مؤمناً بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
السعادة كل السعادة في أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ولده وماله ونفسه.
- السعادة كل السعادة في أن يكون الإنسان داعياً إلى الله - سبحانه وتعالى - مشمراً ومضحياً من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهادياً يهديهم إلى طريق الرشاد..
- السعادة كل السعادة في مناجاة الله في الثلث الأخير من الليل.
ـ السعادة كل السعادة في أن تمسح على رأس يتيم، وأن تصل رحمك، وأن تطعم الطعام وتفشي السلام وتصلي بالليل والناس نيام.
ـ السعادة كل السعادة في أن تبر والديك، وأن تحسن لأقربائك، وأن تحسن لجارك، وأن تبتسم في وجه أخيك وأن تتصدق بيمينك حتى لا تعلم بها شمالك..
هذه السعادة في الدنيا فكيف بسعادة الآخرة؟!