فـَهـِمْتـُكـُمْ
شعر عبد الرحمن بن صالح العشماوي
الرياض الازدهار 23/2/432هـ
فهمْـــــــــتُكمْ بعدَ أعـــــــوامٍ وأعْــــــوامِ --- الآنَ أدْركتُ ،تفــــريـطِي وإِجْـــــرامي
الآنَ أدْركتُ معـــــنى أنَّكــــــــــــم بشرٌ --- لكمْ حقـــوقٌ ، ولســــتُم محــــضَ أنعامِ
فهمـــــتكم يا بَني شعـــبي وقـــــــدْ لعِبتْ --- بكُمْ جنــــــودي وقـــــــــوَّاتي وأَزْلامـي
نعم ، ملأْتُ سجــــــوني من أكَارِمــــــكمْ --- وكَانَ تعـــــذيبُــــهم رمْــــزاً لإقْـدامي
حكمتُ بالسِّجــــــنِ تأبيـــــــداً لطائــــفةٍ --- أَصْلَيْـــتُها في سجـــــــوني نـــــارَ آلامِ
ولَمْ تَـــدَعْ سَــــعْيَــــها للدِّيــــنِ طائـــفةٌ --- أُخـــــرى ، فأصْـــدَرْتُ فيها حُكمَ إعْدامِ
جَعَـــلْتُ أرضكُم الخضـــراءَ مُعْــتَـــقَلاً --- حقَّــــقتُ فـــــــــيهِ بسيفِ الظُّلْمِ أحلامي
أطْــــلَقْتُ فيـــكم على ظُـــــلْمٍ جَلاَوِزَتي --- ما بــــــــينَ لصٍّ وكـــــــــذَّابٍ ونــــمَّامِ
نعمْ ، جَعَلْـــتُ بيـــــوتَ اللهِ خــــــــاوِيةً --- مِـنْ كُـــــــلِّ داعٍ وصــــــوَّامٍ وقــــــوَّامِ
حتى الأذانُ تــــوارى عـــن مآذِنِـــــــكم --- وعن وســائل إعــــــلاني وإعـــــلامي
أمَّا حجابُ العذارى فهـــــو مُعْـــــضِلةٌ --- حَاربْتُــــها بإهـــانــــــاتي وإرْغـــــامي
نَعَــم ، جعلتُ منَ الطُّغــــــيانِ لافِـــــتةً --- فـــــيها معَـــالِمُ مِنْ قَــــسْـري وإلْزامي
لكِنَّني الآنَ يا شعــــبي وقــــــد سَلَـــفَتْ --- أيَّامــــــــــــكم بمآســــــــيها وأيَّـــــامي
أقولُـــها ، ونجـــومُ الليــــــلِ تَشْهَدُ لي : --- فهِــــــمْتُكم ، وإليكم فـــــضْلُ إفْــهامِي
فهِـمْتُــــكم ، فلــــقدْ صرْتم عَــــــمَالِقـةً --- وكُنتُ أبـــــصرُ فيكم شــــكلَ أقْـــــزامِ
فهـــمتها الآنَ ، إنِّي قـــدْ ظَـلَمْتُ ، ولـمْ --- أرْحـم فــــــــقيراً ، ولمْ أَلْطُفْ بأيْـــــتامِ
ولمْ أقــــــدِّمْ طـــــعاماً للجـــــياعِ ، ولم --- أقــــــــدِّمْ المــــــاءَ للمُسْــــتَنجدِ الظَّامي
ولمْ أقـــــــــدِّمْ ثيــــــاباً للعُــــــراةِ ، ولم --- أمنح تلاميــــــذكم حِــــــبراً لأقـــــــلامِ
فهِمْتُكمْ ، فافْهَـموني ، وافْهموا لُغـــــتي --- وقابـــــلوا لُؤمَ أخــــلاقي بإكــــــــــرامِ
إنّي سأفتَـــــــحُ أبـــــوابَ العــطاءِ لكـم --- وســوفَ أُصـــــــدِرُ للإصلاحِ أحكامي
هــيَّا ، ضعوا في يدَيْ أيـــديْ تعاونُكــم --- يـــا أخـــوتي وبني عــــــمِّي وأرْحامي
إنِّي صحوتُ على نورِ الصَّباحِ ، وقــدْ --- طـــوَيتُ عِقْـــــدَينِ في ظُلْمٍ وإظـــــلامِ
فهمتكم ، أيُّــها الشعــبُ الذي دعَسَـــتْ --- أحلامَه في طــريقِ الجَــــوْرِ أقــــدامي
الآن أدْركـــتُ أنِّي كـــنتُ في نفـــــــقٍ --- منْ غفْــــلَـــتي وضــلالاتي وآثــــــامي
*** *** **
أَنْهى الحـــــديثَ ، ولمْ يفـطن لخطبـــتهِ --- إلاَّ الصَّــدى و الّلَظى في قَـــلْبِه الدَّامي
وجَلْجَــــــــلَتْ صرْخةُ المستـهزئينَ بهِ : --- فــــــاتَ الأوانُ ، فلا تركن لأوهــــــامِ
نســـــيْتَ أنَّ لنــــا ربًّــــــا نلــــوذُ بـــهِ --- إذا تَـــــــطَاوَلَ فـينا جَـــــــورُ حُــــكَّامِ