ذكرنى أخى محمد فى تدوينه الرقيقة بحادثتين قدر الله أن يحدثا لىبعد أن أنعم على بنعمة العمرة
النظرة الأولى
لحظة النظرة الأولى إلى الكعبة إخوانى لحظة ينتظرها كل من يذهب إلى زيارة البيت الحرام بفارغ الصبر ويجهز من الدعاء الذى يرجوا به أن يغفر الله له وأن يتوب عليه وأن ييسر له أمر دينه ودنياه وأخرته
فعندما دخلت إلى المسجد الحرام ولاحت الكعبة من بعيد بوقارها وهيبتها وظللت أقترب رويدا رويد حتى وصلت بقربها وخالجنى شعور عجيب
تساؤل
فقد رأيت الناس يطوفون حولها ويتمسحون بها ويتعلقون بأستارها فتذكرت الصوفية وما يفعلونه من تقديس لقبورالأولياء فاستنكرت ما وجدت. وقفز إلى ذهنى تساؤلات : أيعبدون الكعبة من دون الله؟ أيقدسونها كل هذا التقديس؟ أليست حجارة؟
فهالنى ما رأيت وما تساءلت
فجلست وأنا فى زى الإحرام وقررت ألا أكمل العمرة وكان الوقت قبل أذان الفجر وجلست أدعوا ربى أن يهدينى ويرشدنى إلى الصواب وكانت لحظات عسيرة على نفسى فأنا أقطع المسافات الطوال وكلى شوق لرؤية البيت الحرام وهاأنا أجلس فيه ولا أستطيع أن أؤدى ما جئت من أجله وكنت مرهقا غاية الإرهاق وجلست أفكر فى الأمر إلى أن أذن لصلاة الفجر ومع صوت الملا المحبب إلى قلبى كانت الهداية تنزل على قلبى نزول الماء البارد على المرجل
لتهدئ من روعى
وتسكن من خواطرى
رزق من الله
فما رزقنى الله حينها من فهم كان
أن الإسلام إنما بنى على أركان خمس
منها الصلاة والتى هى من عظائم الأمور وبما أن ديننا دين النظام فيجب أن يحدد اتجاه للمصلين لكيلا يختلف الناس فى أهم أركان هذا الدين فجعل الله لنا أقل صورة من صور الجمادات وهى الصورة المكعبة حتى نتجه إليها
وخلصت إلى أنه يجب أن تقدس الكعبة لتقدس الصلاة ويجب أن يتعلق الناس باستارها ويزرفوا العبارات إلى جوارها ويطوفوا حولها ويطلبوا الرحمات
إلى جوار أنها عبادة توقيفية نتعبد بها إلى الله دون السؤال عن حكمتها والبحث عن حكمة العبادة إنما هو من قبيل الإستئناس.
وتذكرت مقولة الخليفة الراشد الثانى عمر بن الخطاب
والله لولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك
أقول لكم إخوانى
والله الذى لا إله الا هو
بعد هذا الحادث
أصبح هذا المكان أحب أماكن الأرض إلى قلبى
كنت اسهر طوال الليل أتطلع إلى الكعبة
وكنت أحب قربها
حفظت أركانها الأربع وتلمستها وتعلقت باستارها التزمت ملتزمها وقبلت حجرها
وكانت لحظة الفراق من أصعب اللحظات على
أأترك هذا المكان بعد أن تيمت به وأحببته كل هذ الحب
كلما أتذكر لحظات الفراق تشتاق نفسى للعودة
كان كل أمنيتى يومها أن يردنى ربى إلى هذا المكان الطاهر المبارك
عودة
ويوم أن أراد الله أن أذهب مرة أخرى
كانت صبابة الشوق تحدونى هذه المرة فرزقنى الله صحبة طيبة فجمع الله على ما بين حلو الصحبة وجمال الغاية
وكانت هذه الرحلة عن طريق البروعندما وقفنا فى نويبع ,وأستدعيت من قبل ضابط الجوازات وأخبرنى أن بعض أوراقى ناقصة وأنه لن يستطيع أن يسمح لى بالسفر
..................
ظللت فترة لم أستوعب الأمر
كان شعورا صعبا للغاية
إذ بى أفارق الصحبة وأعود أدراجى
أن تذهب وتشتاق نفسك لشئ ثم يمنعك مانع وأنت على مقربة منه.
كأن الله يريد أن يقول لك لا أريدك الآن
ورجعت إلى القاهرة فى رحلة اجتمعت فيها المشقة النفسية مع المشقتها الجسدية ولكن صدقونى ياإخوانى إن رقة القلب تكون مع السفر والمشقة فأنت فى هذه اللحظة فى أشد العوز إلى الله وإلى عنايته ورعايته
وهو كما قال عن نفسه
أجيب دعوة الداع إذا دعان
ودعوت الله أن يبلغنى لقاء الحبيب
ثم قمت باستكمال الورق وقفلت عائدا إلى نويبع ووجدت صحبة بفضل الله ولكن أن تكون فى ركاب غير ركابك فأنت عابر السبيل وشعرت بحديث النبى كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
وظللت فى الطريق حوالى الثلاث أيام
وأنا ما بين الخوف والرجاء
الخوف من أن لا يأذن لى ربى ألا أذهب إلى هناك
والرجاء أن يكون الله قد عفا عنى وقضى بأن أزور بيته وحرمه
المدينة
حتى لاحت رائحة المدينة
وما أزكاها من رائحة
وما أطيبها من طيبة
لا أستطيع أن أصف لكم
فليس من رأى كمن سمع
الحديث عنها لا يمل
فما بالك بمن شم رائحتها
ومشى على ترابها
يكفى أنها مدينة تحتوى جسد أطهر الخلق
يكفى أنها خير عاصمة لخير منهج ودين
مشيت فى طريق طويل إلى المسجد النبوى والمسجد يتضح شيئا فشيئا والشوق يحدونى وأنا أحمد الله على نعمته العظمى وكان أول ما فعلته أن دخلت إلى المسجد قاصدا قبر النبى مسلما عليه وفى الطريق تلقفنى أخى محمود سنوسى فى عناق لن أنساه فى حياتى وتركته قاصدا قبر النبى ووقفت أمامه وقلته له
يا رسول الله اشتقت إليك