الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج 20ibg2f
الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج 20ibg2f
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
hichem480
._.
._.
hichem480


ذكر
المشاركات : 3379
العمر : 35
رقم العضوية : 1
البلــــد : الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Female11
تاريخ التسجيل : 03/02/2011
أوسمتـــي ~ : الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج A5
- : الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Domain-b4fa610851
MMS الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج 9644_01269880429

الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Empty
مُساهمةموضوع: الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج   الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Emptyالسبت 26 مارس 2011, 03:22

يعتقد بعضهم أن تعريف مفهوم كالإنسان هو قضية سهلة، لكنها في الواقع واحدة من أصعب العمليات الفكرية والفلسفية؛ لأنها بالأساس هي تعريف من إنسان ما لمفهوم الإنسان، وبالتالي هي انعكاس ضروري لرؤيته عن ذاته لأنه في تعريفه يعرف ذاته.

ولكنه في الوقت عينه موضوع للمعرفة لأن التعريف المفهومي هو بالضرورة تعريف لقضية ما، وفي هذه الحالة هي تعريف للإنسان كموضوع للمعرفة.

المشكلة المرافقة لهذه القضية تكمن بأن الإنسان هو جزء من الواقع الموضوعي كونه يعيش على هذا الكوكب الذي يعرف بالأرض، ويتم دراسة تركيبه البيولوجي وشكله من منطلق كونه جزءاً من هذا الواقع.

دراسة التركيب البيولوجي والتركيب الجيني للإنسان هو جزء من العلوم التي تعرف بأنها علوم بحتة، وهي ليست إشكالية بأي شكل من الأشكال.

إذن يمكن من هذه الرؤية الأولية للإنسان أن نصل إلى أنه "الذات" في ثنائية الذات والموضوع. لكنه أيضاً جزء من الواقع الذي يحيا به. وبالتالي فإنه بهذا الوصف بالضرورة جزء من "الموضوع".

السؤال هنا يكمن في كيفية التعامل مع هذه الكينونة المستقلة التي تسمى إنسانا على أنها في الوقت عينه ذات وموضوع.

مفهوم الإنسان

نجد تعريفات كثيرة لمفهوم الإنسان منها على سبيل المثال أن الإنسان حيوان ناطق. ولكننا نعرف اليوم أن النطق ليس حكراً على الإنسان بل هناك حيوانات أخرى تتميز بالنطق أيضاً. قيل الإنسان حيوان عاقل. لكن يجب التعامل مع مفهوم العقل بدقة. فهل نحن بصدد الحديث عن العقل المفكر المنتج لمستويات عليا من التراكيب الفكرية المجردة، أم نتحدث عن القدرة على المعرفة؟ فإذا حددنا العقل في المستويات العليا من التفكير نجد أن التعريف حكر على الإنسان مع أنه ليس كل إنسان يتعامل مع هذه المستويات من التفكير التجريدي. أما العقل على مستوى المعرفة والإدراك والتطبيق فهذه مستويات قد نشترك فيها مع حيوانات مثل الكلب الذي يعرف من صاحبه ومن عدوه، والذي يدرك متى يكون صاحبه بمزاج للعب أو متى يكون حزيناً، ويستطيع أن يطبق ما يتعلمه من معلمه بشكل بسيط أحياناً وبشكل خلاق في أحيان أخرى.

ويعرف الإنسان أحياناً على أنه كائن اجتماعي، ولكننا لسنا الوحيدين الذين لا يمكننا العيش إلا مع الجماعة. وقد يكون أكثر التعريفات تماسكا وتميزاً هو تعريف كارل ماركس للإنسان كونه إنسانا عاملا ومنتجا. أي أنه ربط تميز الإنسان بالقدرة على العمل والقدرة على الإنتاج.

لكنني أعتقد أن التعريف لا يمكن أن يكون بهذه البساطة؛ فالإنسان كائن معقد وبالتالي ستكون مهمة تعريفه كمفهوم معقدة بمقدار نسبة رقيه وتعقده كإنسان.

لهذا فأنا أعرف الإنسان بأنه كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي، يملك قدرة على التركيب المجرد الذي قد لا يرتبط بشكل مباشر بالمؤثرات التي يتعامل معها من الواقع المحيط به، ويمتاز بقدرته على العمل والوقوف بشكل قائم والتحرك على قدميه من دون الحاجة للاتكاء على يديه، وقادر على النطق وتكوين أدوات التخاطر المعقدة كاللغة والموسيقى والمنطق، ويتميز بقدرته على الإنتاج والتأثير في واقعه المحيط وتغيير هذا الواقع ليكون محيطاً أفضل لمتطلباته البيولوجية والنفسية. وأضيف إلى هذه العوامل قدرته على الشعور والتعبير عن العاطفة، وقدرته على تشكيل عاطفة معقدة ومركبة: الحب والكراهية، العطف والشفقة، وغيرها من العواطف التي يمكن تركيبها. وبالتالي فهو ليس فقط كائناً عاطفياً وإنما هو يشكل عاطفته بأشكال مختلفة ومعقدة. إلى هنا يعتقد القارئ أن ما فعلته هو دمج كل التعريفات السابقة لكينونة الإنسان بتعريف واحد متراكم يضم خلاله التعريفات المفردة وبشكل جمعي. قد يكون هذا صحيحاً لو أني توقفت هنا.

ولكني أضيف إلى ذلك بأن الإنسان كائن يتصرف بغباء في بعض الأحيان ويبرر غباءه بتغليفه بغلاف عقلاني؛ فالإنسان بالرغم من كونه عاقلاً بحسب التعريف إلا أنه يستخدم هذا العقل لقتل أقرانه من البشر لمختلف الأسباب، ويبرر هذا القتل بمختلف الحجج التي تجعل منه قتلاً مشروعاً. وهو الكائن الوحيد الذي لا يعتني ببيئته إلى الدرجة التي ينشر فيها مختلف أنواع النفايات. والإنسان الذي يعيش على هذه الأرض التي يمكن اعتبارها جزيرة صغيرة ومعزولة في فضاء الكون الشاسع، ينفث فيها السموم ويلوثها إلى الحد الذي سيكون من الصعب العيش فيها في المستقبل القريب ما لم يتوقف عن تصرفاته هذه. ولكنه يتمادى في ذلك إلى تبرير التلوث بحجج واهية مثل التقدم والحاجة إلى سبل الراحة وغيرها من التبريرات التي عند محاكمتها بشكل عقلاني دقيق، نكتشف أنها ما هي إلا مبررات أصحاب المصانع لتبرير ربحهم. فهل بالفعل يحتاج الإنسان إلى كل هذا التلوث لكي يحيا بشكل رغيد؟ هل بالفعل نحتاج للطائرات النفاثة الكثيرة لنقل المسافرين هنا وهناك؟ لماذا هذا الاستعجال في العالم المعاصر؟ أليس من الأجدر أن نتمكن من توزيع العمل على أكبر قدر ممكن من البشر حول العالم ليتمكن الجميع من نيل بعض الراحة بدلاً من أن يتركز العمل بين جزء منهم بينما الملايين لا يجدون قوت يومهم؟

إذن فالإنسان هو كائن معقد يملك عقلا يمكنه من تكوين مجموعة من الأفكار والصور، يمكن تصنيفها على أنها نتاج لمخيال: تعبير مخيال لوصف العقل يحدد الكثير من مهام الإنسان. فهو الذي يصنع أفكاره ومنتجاته قبل أن يتمكن من أن يحولها إلى جزء من الواقع. الإنتاجية شيء أساسي في تحديد ماهية الإنسان فالإنسان منتج بطبيعته. وهو لا يستطيع أن يعيش بلا إنتاج. والإنسان يتأثر بمشاعر عاطفية متنوعة، مهما حاول أن يسيطر عليها فإنه لا يتمكن من محوها من التأثير في حياته وكينونته. التساؤل عن طبيعته أيضاً والسؤال حول وجوده وضرورة هذا الوجود وغايات هذا الوجود مركب أساسي في تفكيره العام. لذلك بحث منذ البدء الحصول عن إجابات للأسئلة التي تواجهه. وبما أنه لم يتمكن من الوصول إلى العديد من الإجابات فإن ذلك تحول ليكون نقاطا مظلمة في نسيجه العقلي تتفوق في قدرتها على مخياله. لأنه في كل مرحلة يحاول فيها الرد على تلك التساؤلات يصطدم مرة أخرى بحائط يصده عن الوصول إلى مراده. لكنه يحاول أن يستخدم مخياله في اقتراح حلول تريحه من الحائط أمامه فيحول الحائط إلى حلم متواصل يتضخم. يبدأ بتقديم الإجابات المحتملة من واقع الحلم إلى الواقع الحقيقي ليصبح الحلم أكثر واقعية من الواقع نفسه. يتغلب عليه ويستمر بالتمسك به لأنه المخرج السهل لمعاناته. لكنه مع الوقت يصل أكثر فأكثر إلى إجابات أكثر منطقية عن الأسئلة التي لم يتمكن في السابق من الإجابة عنها، لكنه الآن تحول ليكون أسير الحلم. وبالتالي مع تمكنه من الإجابة عن الأسئلة بقيت الإجابة المخيالية ممسكة بتالبيب دماغه. وتحولت مع الوقت لتكون مكونا أساسيا من مكونات رؤيته للعالم. وبما أنها الحل السهل فكانت الملاذ لكل من لا يريد أن يتعب نفسه بالتفكير بالإجابات التي تحتاج إلى الكثير من الجهد. أما الحلم فقد بدأ يتجسد وحول الإنسان كل قدراته إلى وضعها الأمثل وألصقها بالحلم. فهل هذا يحول الحلم إلى واقع؟

المعرفة والمعرفة الجمعية

قضية أخرى مهمة هنا: فالإنسان الفرد قد تكون خصائصه الخاصة مختلفة في تصرفاته عن تصرف المجموع البشري؛ ففي كثير من الأحيان عندما يتم نقاش الإنسان الفرد حول نقاط محددة فإنه يصل إلى نتائج قد تختلف جذرياً عن موقفه عند مناقشته بوصفه جزءاً من المجموعة البشرية التي ينتمي إليها. فمن الممكن على سبيل المثال لا الحصر أن يكون الإنسان الفرد مقتنعاً بضرورة أن يتم التعامل مع حضارة إنسانية واحدة عابرة للثقافات. لكنه في الوقت عينه عندما يواجه قضية علاقته كإنسان ينتمي إلى مجموعة بشرية محددة فإنه قد يطلب بتحرر ووحدة هذه المجموعة ويقدم خطابا بالضرورة يكون عدائيا للمجموعات البشرية الأخرى التي تضطهده. وهذا التناقض في المواقف مبرر بشكل كامل، بل إنه في الواقع الملموس ليس تناقضاً على الإطلاق؛ فالفكر الخاص قد يكون صحيحاً بشكل نظري أو في المحصلة النهائية، لكن الواقع يفرض تفكيراً آخر يعتمد على معطيات هذا الواقع.

ترتبط هذه العلاقة بين الفرد والمجموع بقضية أخرى تتعلق بالعقل والمعرفة. فعندما نتحدث عن المعرفة الإنسانية فهل نحن نتحدث عن معرفة الفرد أم معرفة المجموع؟ بالتأكيد يتم التعامل مع المعرفة الإنسانية بوصفها معرفة تراكمية تجمع في طياتها معرفة جميع الأفراد، وهي بهذا الوصف تتفوق على مجموع معرفة الأفراد لأنها بالضرورة أكثر من مجموع معرفة الأفراد. وهنا نقول بأن هذه المعرفة هي نتاج مساهمة الأفراد المفكرين في إيجاد وتثبيت المعرفة على مر العصور، ولكن ليس هناك إمكانية موضوعية لأي فرد محدد أن يتمكن من أن يتحصل على المعرفة كلها. بل في الحقيقة أن الإنسان الفرد لا يعرف إلا اليسير من هذه المعرفة.

وبالتالي فالمعرفة الجمعية للبشرية تحمل في طياتها الكثير مما لا يعرفه الأفراد، ويجعل من هذه الحقيقة أن الإنسان الفرد سيبقى جاهلاً في بحر العلم مهما تمكن من تحصيل المعرفة. فهل هذا يعطي التبرير الكافي بالقول بأنه "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم "؟ بالتأكيد لا. فالمطلوب اليوم أكثر من أي وقت سابق أن يتمكن الإنسان من توظيف المعرفة الفردية بشكل جمعي ومن دون ذلك سينعم الجميع بالجهل.

الطبيعة والطبيعة المؤنسنة

لكن الإنسان لا يحيا في فلكه الخاص وفي فكره الخاص بل هو جزء لا يتجزأ من هذه الطبيعة التي ننتمي إليها. ولكنه ونظراً لقدرته على الإنتاج والعمل والإبداع تمكن من تشكيل واقعه وطبيعته بشكل يتناسب مع احتياجاته. فعبر مئات الآلاف من السنين تمكن الإنسان من تطوير بيئته وتغييرها إلى الحد التي أصبحت معه هذه الطبيعة تختلف بشكل جوهري عن الطبيعة المجردة. فنحن اليوم لا نستطيع أن نتعامل مع الطبيعة على أرضنا بشكل مجرد. فهي بالضرورة محتكمة لتدخل الإنسان بها ولذلك فهي بالضرورة طبيعة مختلفة يمكن تسميتها بالطبيعة المؤنسنة: أي الطبيعة التي تمكن الإنسان من تطويعها لتكون عوناً له.

الذات والموضوع

ضمن هذه الرؤية للإنسان، لنفكر معاً في علاقة الإنسان بالذات والموضوع. يجب في البداية أن نضع تصوراً حول كيفية الوصول إلى المعرفة التي تدفعنا للسؤال الذي بين أيدينا الآن. نعرف أن الإنسان بشكله الحالي وجد على الأرض منذ ما يقرب من مليوني عام، كما تثبت المستحثات والهياكل العظمية التي وجدناها هنا وهناك. ولكننا لا يمكننا أن نتتبع كيف كان يفكر أو يتصرف إلا منذ زمن أقل من هذا بكثير ويعود إلى ما لا يزيد على ثلاثين ألف سنة من اليوم. ولكننا من خلال قراءتنا لهذا التاريخ المعروف للبشر يمكننا الاستدلال على الكثير مما نحتاجه للإجابة عن التساؤل.

فالإنسان العاقل الذي نتحدث عنه الآن كان يملك القدرات العقلية عينها التي نملكها اليوم. فعلى الرغم من أننا لا يمكننا أن نرفض فكرة النشوء والارتقاء إلا أننا نعتقد أنه وبغض النظر عن الانتقال من شكل إلى آخر أو من الخلق بهذا الشكل، فإن الإنسان الذي يحمل مواصفات الإنسان الحالي والذي نعرف بوجوده منذ مئات الآلاف من السنين لا بد أن يكون يمتلك بالقوة وبالفعل قدرات الإنسان الحالي، بالرغم من عدم تحصيله للمعرفة التي يمتلكها الإنسان اليوم. فالعقل البشري الذي أنتج الأدوات الحجرية وصنع المحراث والعجل واكتشف النار لا يقل من حيث القدرة عن عقل الإنسان اليوم؛ فصنع الأدوات الحجرية ضمن المعرفة المتوفرة حينها لا يقل أهمية عن صنع مركبات الفضاء اليوم. أي أن الاختلاف بيننا وبين الإنسان الأول ليس بالنوع وإنما بالدرجة.

لنحدد إذن مفاتيح العلاقة بين الذات والموضوع: الإنسان يملك العقل -المخيال لكنه يولد فارغاً من أي معرفة. يتلقى الإنسان المعرفة في علاقته مع الواقع المحيط - الموضوع من خلال قنوات تلق أصبحت معروفة وواضحة لنا اليوم هي قنوات الحواس من لمس وبصر وسمع وتذوق وشم. يراكم العقل المعرفة المتحصلة من هذه المصادر، لكنه يملك القدرة على أن يتعامل معها بشكل مجرد؛ فبعد اختبارها لأول مرة يمكنه أن يعيد تخيلها في العقل حتى ولو لم تكن ملموسة بالفعل لديه، فيمكنه سماع الموسيقى بعقله ويمكنه مشاهدة الأماكن بعقله من دون الحاجة للنظر وهكذا؛ فالمخيال يعطيه القدرة على التعامل مع الملموسات بشكل مختلف.

لكن العقل المفكر لا يتوقف عند حدود الملموسات. وهذا هو جمال العقل الإنساني، ولكنه أيضاً المعضلة في الوقت عينه. فالعقل - المخيال يتعامل مع مؤثرات أخرى تحرك فيه إمكانية التجريد لأمور قد لا تكون موجودة في الواقع أساساً، أو قد لا تكون ملموسة بالفعل. وهذا يدفعنا للتفكير بمستوى آخر من مصادر المعرفة المختلفة عن الحواس والمتعدية لها وهي: الشعور والملاحظة واللغة والمنطق (البرهان والحجة)، وهذه المصادر تختلف عن مصادر الحواس في أنها تتأثر بمؤثرات ملموسة مباشرة لكنها تتعدى في تأثيرها الملموسات، وتنتج مركبات يمكن أن يتمكن الآخرون من التعامل معها ولكنها في الأغلب عصية عن أن تفهم من الآخرين. فحب شخص للتعامل مع شخص آخر بعينه بالرغم، من وضوح العلاقة، لا يمكن تفسيره بالملموسات بل لا بد أن نتعامل معه بمنطلق عاطفي شعوري لا يمكن رده للمنطق. الشعور هنا يحركه مؤثر خارجي لكنه في نهاية التحليل عبارة عن تركيب عقلي نفسي لا يمكن تبريره بشكل منطقي برهاني في كثير من الأحيان.

كلما كانت المعرفة المتراكمة في العقل قليلة، كانت التساؤلات التي يثيرها العقل البشري قليلة، لكنها تتضاعف بشكل متسارع مع زيادة المعرفة. وهذا يدفعنا للاعتقاد بأن الإنسان الأول بدأ بمراكمة المعرفة إلى الحد الذي دفعه لتركيب مركبات تجريدية لم تكن مألوفة له فيما قبل. إذا ما قارنا هذا الفعل المعرفي مع بداية تحصيل المعرفة لدى الأطفال لأدركنا الطريقة الممكنة التي دفعت للتفكير المتعالي. فحال ما يبدأ الطفل بالتعرف على المعارف المختلفة يبدأ بسلسلة من التساؤلات التي لا تنتهي والتي تبدأ بفكرة "لماذا؟". وهذا بالضبط ما حدث مع الإنسان وهذا دفعه للتساؤل عن الأسئلة الصعبة: "لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ وأين؟

الطبيعة المحيطة هي التي تؤثر بالضرورة بتراكم المعرفة لدى الإنسان من خلال الحواس، لكن العقل - المخيال يتمكن من تركيب هذه المعرفة ومن دمجها مع المؤثرات الأخرى مثل الشعور واللغة والملاحظة والبرهان، فيركب منها منتجات عقلية، ومع الوقت تتراكم المركبات هذه لتصل إلى أن يكون لها حياة مستقلة عن المؤثرات الأولى. ونجد أن هذه الحياة المستقلة تتراكم لتنتج أفكارا ومعتقدات تسيطر على طريقة تفكير الإنسان حتى بالمؤثرات والملموسات الأساسية التي ولدت عنده قناعاته الفكرية. وبهذه الثنائية التبادلية تتضح ثنائية العلاقة بين الذات والموضوع.

ولكي لا أنهي المقال عند هذا الحد الذاتي المسيطر لا بد لي أن أؤكد الموضوع واستقلاليته عن الذات العارفة. ولا بد أن أؤكد أن الواقع الموضوعي المحيط هو الذي يدفع في النهاية لإثبات ضعف أو خطأ المركبات المستقلة، وبالتالي نتمكن من محاكمتها والتعرف على خطئها ومحدوديتها. إذن لا بد لنا أن نفكر ملياً بما يتملكنا من أفكار ومعتقدات لنحدد أياً منها بالفعل يمكن تأكيده ودعمه بالبرهان والعقل والحجة لي وللآخرين، وبين الأفكار والمعتقدات التي أتأثر بها ولكن لا يمكن أن نقدم البرهان الواضح عليها.

قدرات الذات كبيرة جداً تصل إلى حد تضخيم الحلم وتضخيم المجردات والخيالات لتعمي الواقع وتضلل العقل، لكن القدرة على التفكير السليم وعلى البرهان والحجة والملاحظة السليمة تمكن العقل من الفصل بين الواقع وتبعاته وبين الخيالات والحلم وغيرها من المركبات الأخرى، وبالتالي سيتمكن العقل من فرض نفسه بعلاقته بالواقع الموضوعي المحيط ليمسح الخيال وليبقى درب الحقيقة ناصعاً يوصلنا نحو تراكم معرفي جديد وأمل في مستقبل أفضل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://djelfa.3rab.pro/u3596
Guerch tito
.
.
Guerch tito


ذكر
المشاركات : 923
العمر : 37
الموقع : c
البلــــد : الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Female11
تاريخ التسجيل : 28/11/2010
- : الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Domain-b4fa610851
MMS الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج 157m5vc

الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج   الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج Emptyالسبت 26 مارس 2011, 03:56

الكثير من المعلومات المذكورة في الموضوع لم أكن على علم بها
على العموم شكرا على الموضوع وفي انتظار المزيد من مشاركاتك
تحياتي


.......continue
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://user.qzone.qq.com/1146456252
 
الإنسان: كائن اجتماعي قادر على التفكير المتعالي والإنتاج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: مقهي الخيمة العلمية-
انتقل الى: