بما أن المرأة صاحبة عفة، فهي تحمل على عاتقها أمانة إنسانية كبيرة، لا أنها تمتلك حقاً خاصاً بها إن هي تسامحت فيه فقد تسامحت في حقها الخاص، بل إنها لو تسامحت فيه فقد خانت الأمانة الإنسانية، على الرجل أيضاً أن يكون عفيفاً والمرأة كذلك، ولكن نعلم لو أننا ملأنا اسماع الدنيا بقولنا بمساواة حقوق المرأة والرجل فليس هناك من يتمكن من إيجاد التشابه بين المرأة والرجل.
بما أن المرأة صاحبة عفة، فهي تحمل على عاتقها أمانة إنسانية كبيرة، لا أنها تمتلك حقاً خاصاً بها إن هي تسامحت فيه فقد تسامحت في حقها الخاص، بل إنها لو تسامحت فيه فقد خانت الأمانة الإنسانية
لا شك في أن المرأة تشارك الرجل في بعض الأمور الإنسانية وتخالفه كيفياً في بعض الأمور الأخرى، ولذلك تكون عفة المرأة مورداً للإنتهاك من قبل الرجل، ولكن لا يمكن أبداً للمرأة ان تنتهك عفة الرجل، ونحن حتى في عصرنا الحاضر في أوربا وأمريكا أيضاً لم نسمع أنهم كتبوا ان الرجل الفلاني انتهكت عفته من قبل المرأة الفلانية، ان الرجل يختلف أساساً عن المرأة، وانتم تشاهدون دائماً شابين يقفان أمام باب اعدادية البنات ويقومان بايذاء مائة طالبة، ولكن هل رأيتم لحد الآن، أن قامت بعض البنات بالوقوف أمام الرجل، وان المرأة هي المسؤولة بالدرجة الأولى أن تحافظ على هذه الأمانة الاجتماعية والخلقية والإنسانية.
وإن هذا الحديث الذي يوصي المرأة فقط أن يكون سلوكها جباناً يريد أن يقول: إن المرأة أمام الرجل الأجنبي، وفي مسائل خاصة مرتبطة بالعفة لا تعد لها شجاعة، إن الشجاع هو الذي لا يخاف في مقام التضحية، فالتنازل عن الحق تضحية، ولكن لو أخذت منك العفة فإنك لم تضح وإنما قمت بخيانة الأمانة، فوصية أمير المؤمنين عليه السلام أن على المرأة أن تكون على حذر وأن يكون سلوكها جباناً، وذلك ليس في مطلق الأمور، بل في مورد تكون فيه العفة مهددة.
مفهوم البخل في هذا الحديث
مسألة البخل كذلك، يقول القرآن الكريم: "وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". هناك حالة يسميها القرآن بشح النفس وحبها للمال، بحيث لو أخذ منه فلس واحد كأنما أخذ منه جزء من روحه، إن الإسلام الذي هو دين التوحيد والذي يريد القضاء على تعلقات الإنسان بغير الله، لا يتوقع منه أن يوصي الزهراء بأن تكون محبة للمال؟ وإلا لما انفقت الزهراء عليها السلام ثوب عرسها في سبيل الله، وعد عملها فضيلة كبيرة في الإسلام.
فإذن هذا الحديث الذي عد ثلاثة أشياء من أخلاق المرأة: الزهو والجبن والبخل، وشرحها بالنسبة إلى المرأة والرجل على شكلين، لا ينافي قاعدة عدم نسبية الأخلاق.
المراد من البخل في هذا الحديث ليس هو البخل في مال الفرد، ان المرأة مستأمنة على مال زوجها، خاصة وهو يقول: حفظت مالها ومال بعلها، بنظري أن المراد هو المال المشترك بينهما فلا ينبغي للمرأة أن تكون لا أبالية في بيتها، وأن تكون سخية في حساب الأسرة، وأن تتبرع بما في جيب غيرها، وخاصة في النظام الإسلامي يقوم الرجل باكتساب المال، وعلى المرأة أن تدير البيت من الداخل، إن من لم يذق طعم تحصيل المال لا يعرف قيمته بشكل كامل إن المرأة تعد مديرة مستأمنة على المال المشترك الموجود في البيت، ولو أعطت قيمة حتى للقرش الواحد فلم تنفقه في غير محله فإن فعلها هذا يعد ممدوحاً.
فإذن البخل هنا أيضاً ليس البخل بمعنى تلك الصفة النفسية، وهي الخلق، بل بمعنى السلوك الممسك لا في مالها، بل في مال زوجها، وهذا لا يختص بالمرأة، بل هو موجود حتى في غير المرأة، فإن أمير المؤمنين كان أول جواد وأول ممسك، وهذا ما يوضحه التاريخ، فكان أول جواد في ماله، وأول ممسك في بيت المال الذي كان مؤتمناً عليه، فلم يكن على استعداد لأن يبذل فلساً واحداً منه لأخيه عقيل، هل كان علي عليه السلام يمتلك صفتين متضادتين؟ كلا، إن هاتين الصفتين ليستا متضادتين من الناحية الخلقية فإن تحمل المشقة للحصول على الغنيمة الحربية أو حفر القناة وتحصيل النقود حتى عن طريق العمل، وبعد ذلك اعطاؤها للمحتاجين، يعد جوداً، وحراسة بيت المال، واطفاء حتى تلك الشمعة المتعلقة ببيت المال عند الجلوس لأمر خاص يعد أمانة لا بخلاً، فإذن قولوا أي إنسان ممسك ومحب للمال هذا؟ إنه يتألم لاحتراق شمعة؟ كلا، ليس الأمر كذلك، فلو كان كذلك فعلينا أن نعتبر عثمان سخياً جداً، إذ كان فاتحاً باب بيت المال على مصراعيه، يدفع منه لهذه الجهة أو تلك، كل إنسان يكون أميناً على مال يجب عليه أن يكون ممسكاً فيه، بمعنى أن يكون سلوكه ممسكاً لأن يكون خلقه كذلك.
فإذن هذا الحديث الذي عد ثلاثة أشياء من أخلاق المرأة: الزهو والجبن والبخل، وشرحها بالنسبة إلى المرأة والرجل على شكلين، لا ينافي قاعدة عدم نسبية الأخلاق.
قلنا إن النقطة المقابلة للجبن وهي الشجاعة والقوة والصلابة، وهي مطلوبة للرجل والمرأة، فالجبن بمعنى الخلق سيئ للرجل والمرأة معاً والشجاعة جيدة فيهما معاً.