| دفء العباده يذوب الجليد | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
sarak **
المشاركات : 589 العمر : 38 الموقع : ا البلــــد : تاريخ التسجيل : 15/02/2011 - :
| موضوع: دفء العباده يذوب الجليد الثلاثاء 01 مارس 2011, 20:04 | |
| دفء العباده يذوب الجليد
الحمد لله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مكور الليل على النهار تبصرة لأولي القلوب والأبصار أحمده سبحانه {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن:17]. قال مجاهد {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} لِلشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ {ورَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . والله سبحانه رب الدهر كله وحديثني سيكون عن الشتاءوالكلام عنا لشتاء يطول والحديث فيه ذو شجون، فإذا أقبل الشتاء فحيا هلاً بـغنيمة العابدين وربيع المؤمنين
يأتي الشتاء بالبرودة والقشعريرة، يجعلنا نلزم البيوت في غير أوقات العمل، ونلزم الفراش في غير أوقات النوم، ويؤثر على كفاءتنا في العمل والتواصل والإنتاج، فما بالك بالعبادة، والتي تمتد من الفرائض والطاعات التعبدية إلى الإحسان في العمل واستهلاك الوقت في منافع الدنيا والآخرة . وبرغم كل هذه الأجواء الطقسية التي تبدو قاسية؛ مطر، صقيع، غياب للشمس، سيول، رعد، يقول لنا الرسول صلى الله عليه وسلم إن الشتاء حالة خاصة عند المؤمن، فالأوقات فيه أكثر اتساعاً للعبادة والتفكر: "الشتاء ربيع المؤمن"، وللعبادة فيه فضل خاص، ولذة خاصة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة". وتحمل طقوس الشتاء معاني إيمانية، وتذكير بقدرة الله على تغيير الفصول، وهطول الأمطار، وتحريك السحاب، وري الأرض، وتغذية الأنهار والبحار. وكلها مظاهر تزيد من استكشاف الكون، واستحضار قدرة الله، بما يزيد من عمق العلاقة مع الله. والناس مختلفون في تعاملهم مع الشتاء، فمنهم من يتأثر بقسوة برودة الشتاء فتقل عبادته، وهو ما تؤكده نظام بيولوجي للعبادة وللتركيبة البيولوجية للإنسان أثر في تنظيم حياته صيفا أو شتاءً، هذا ما يوضحه الدكتور محمد ضياء الدين حامد -أستاذ العلوم البيولوجية بمركز تكنولوجيا الإشعاع المصري- ويقول: إن جسم الإنسان يتفاعل فيه عدد من الكيماويات، والتي تعمل لصالح جسم الإنسان، لأن الله خلقه في أحسن تقويم. ويضيف د. ضياء: "إن هذه التفاعلات عندما تكون منظمة وفقا للأوقات التي أمرنا الله تعالى فيها بالعبادة والاستيقاظ، يصير يوم الشتاء حيويًّا، فإننا كمسلمين لنا تنظيم جيد إذا ما اتبعنا أوقات الصلاة. فالمسلم ينام بعد صلاة العشاء بوقت قصير، ثم يستيقظ قبل الفجر بقليل لقيام الليل، الذي يختتمه بصلاة الفجر، ثم بعد ذلك يبدأ عناء العمل، وبعد الظهر يكون وقت القيلولة لمن عاد من عمله، وعندما يأتي العصر من المفترض ألا ينام الإنسان حتى صلاة المغرب، ثم العشاء، معتبراً أن "هذا النظام لا يؤدي للإجهاد في وسط اليوم، بل يساعد المسلم على النوم العميق، بما يصلح ما أُتلف من خلايا الإنسان ". ويعتبر د. ضياء أنه إذا نظم المسلم يومه في الشتاء بهذا النظام، بحيث يبدأ يومه من صلاة الفجر حتى بعد صلاة العشاء، فإنه سيساعد جسده صحيا كما سيرفع روحه الإيمانية، مشيراً إلى أن "النوم مبكرا بعد صلاة العشاء من أجل الاستيقاظ للسحر للتعبد، يرفع درجة المناعة في الجسم، ويشعر الإنسان بالراحة وطيب النفس. كما ينضبط بالنوم مبكرا إفراز الهرمونات، وكذلك تنضبط أفيونات المخ التي تزيل الألم، وتبعث على الاستشراف لليوم الجديد، كما تنتظم كهرباء الخلية، حيث يقلل الإنسان من إحساسه بالقلق والإجهاد ". وحول كيفية ضبط المسلم نفسه على هذا النظام، يشرح د. ضياء ذلك قائلاً: "إن الساعة البيولوجية مكمنها في كل جزء من الخلايا، والخلية عندما يتم تعويدها على شيء طيب يزداد نشاطها، ومن الممكن تعويد الإنسان نفسه على هذا النظام، عن طريق الاستعانة بمنبه خارجي بداية ". وفيما يتعلق بالمطر والظواهر الشتوية، ومدى علاقتها بتعميق الإحساس الإيماني لدى الإنسان؛ يلمح د. ضياء إلى أن التقلبات الشتوية والصيفية لها تأثيرات على النفس والأمزجة، فيعرف الإنسان يقينا أن العذاب على المعاصي ليس بالنار فقط، وإنما يكون بالبرد أيضا، كما أن الجو عندما يكون ممطراً، فإنه يبعث على الراحة النفسية والأمان". انتزاع الغطاء ويشير الدكتور مبروك عطية -الأستاذ بجامعة الأزهر- إلى فضل العبادة في الشتاء، مستشهداً بشروح العلماء لحديث الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "إسباغ الوضوء على المكاره..." حيث قالوا إن المقصود بذلك في صعوبة الوضوء بالمياه الباردة في الشتاء. وتتأثر العبادات بالظروف المختلفة ومنها الظروف الجوية والبيئية، وهو ما يؤكده د. مبروك، ذاكراً أن جمع الصلاة يكون بسبب المطر أو السفر- إذا كان يعوق الناس عن الذهاب للمسجد- كما أنه صلى الله عليه وسلم أجاز تأخير صلاة الظهر في فصل الصيف إذا اشتد الحر، شريطة ألا يدخل عليه وقت العصر. ويضيف: "هذا يدل على رحمة الدين بالناس ومراعاة تأثرهم بحالة الطقس، لكن المُجد يجاهد نفسه ولا يستسلم للظروف، وهذا الجهاد يتطلب العمل قدر طاقته، وكلما اشتد البرد زادت الصعوبة بلا شك، وإلا فما معنى الجهاد؟ ! فمن أراد العزة جاهد هواه، وانتزع غطاه وهمَّ فصلى في جماعة، وفي الشتاء تغزر الحسنات مع مقاومة الرغبة في الدفء والنوم الطويل والكسل الذي لا يتحقق معه أمل ". ويسترشد د.مبروك بمقولة الإمام البوصيري في ضرورة مقاومة رغبتها في الكسل عن العبادة في الشتاء، والتي يوضح فيها أنك إذا تركت العنان لنفسك فلن تعمل في صيف ولا شتاء، فيقول : والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضـاع وإن تفطمه ينفطـم فاحـذر هواها وحـاذر أن توليـه إن الهـوى ما تولى يعم أو يصـم وراعها وهي في الأعمـال سائمة وإن هي استحلت المرعى فلا تسم كـم حسـنت لـذة للمـرء قاتلـة من حيث لم يدر أن السم في الدسم وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضـاك النصـح فاتهم استثمار الليل ويطرح د.مبروك عطية خطوطاً عريضة لبرنامج عملي لاستثمار الليل في الشتاء يتضمن: 1- تلاوة القرآن بالليل؛ لأنها عبادة، مع الابتعاد عن أماكن النوم، لأن التلاوة على الفراش مع الغطاء معرضة للسهو والخطأ، ولذلك فعلى الإنسان أن يرتدي ما يحميه من البرودة، ويستقبل القبلة، مجاهدا لنفسه. 2 – قيام الليل بالصلاة بما تيسر، وعلى الأقل ركعتين. 3 – تتبع أوقات القلق في ليل الشتاء وانتهازها فرصة للذكر والدعاء. 4 – يصلح ما شاء من أمر بيته إذا طال الوقت عليه، وله أن يسامر أهله بما ينفعهم لما ذكره "عبد البر" في كتابه التمهيد من أن النوم بعد صلاة العشاء مستحب، حتى لا يؤدي السهر إلى النوم عن صلاة الفجر في وقتها، قال: لأن الكلام لا يجوز بعد صلاة العشاء إلا في خير. 5 - ومن أطيب ما يستغل فيه المسلم ليل الشتاء، أن فيه فرصة كافية للنوم المطلوب لتجديد النشاط، ويكون ذلك متوفر في أول الليل، فأمامه فرصة للراحة فيه حتى يقوم في السحر، ليذكر الله تعالى حيث ينزل ربنا في كل ليلة إلى السماء الدنيا، ويقول: هل من سائل فأعطيه، وهل من مستغفر فأغفر له؟ ربيع المؤمن يوضح الدكتور حسام الدين فرفور-نائب رئيس جمعية الفتح الإسلامي بدمشق- أن الشتاء مرتع خصب للطاعة والعبادة، لا سيما قيام الليل، حيث يستمتع المؤمن بالقرب من الله في قيام الليل، كما يستغل قصر النهار فيصومه. ولتفعيل الهمم الإيمانية لزيادة الطاعة في الشتاء، يرى الشيخ حسام أن هناك عدة أمور تعين على تلك الطاعة منها: 1- توفير المناخ الإيماني بصحبة الصالحين وأهل الصدق مع الله، فهي مفتاح الخير كله، فهي تدل على فعل الخير، وفي ذلك يقول الله تعالى: {اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}. 2 - قراءة القرآن بالتدبر، والمداومة على ذكر الله عز وجل. 3 - قيام الليل؛ لأنه يورث نوراً في القلب والوجه والقبر. 4 - التضرع إلى الله في الأسحار، فقد قال تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. 5 - قراءة سير الصالحين التي هي استكمال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتتبعها. 6 – التيقن من أن الجنة محفوفة بالمكاره، وأنه على الإنسان مخالفة رغبات النفس حتى في بعض المباحات؛ لأن في هذا تأديب للنفس، وتطويع لله عز وجل، كي لا تتشوف إلى المحرمات. وبرغم أن هناك ظواهر تصحب فصل الشتاء، تعرف الناس على نعم الله عليهم، مثل اعتبار وجود البرد تذكير بالخوف من النار؛ إلا أن الشيخ حسام يرى أن الربط -وإن كان موجودا- لا ينبغي أن نعول عليه؛ لأن الأصل في كل شيء هي العبودية الصالحة، لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ | |
|
| |
sarak **
المشاركات : 589 العمر : 38 الموقع : ا البلــــد : تاريخ التسجيل : 15/02/2011 - :
| موضوع: الخطب والمحاضرات الثلاثاء 01 مارس 2011, 20:13 | |
|
الحمدُ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، العَزِيزِ الغَفَّارِ، مُكَوِّرِ الليلِ عَلَى النَّهارِ، تَبْصِرَةً لأُولِي القُلُوبِ والأَبْصَار، أَحْمَدُهُ سبحانَهُ رَبِّ المشرِقَيْنِ وَرَبِّ المغرِبَيْنِ، الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضللْ فلا هادِيَ لهُ. وأشهدُ أن لا إِلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، ولا مثيلَ لَهُ، ولا ضدَّ ولا ندَّ لَهُ، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنَا وعظيمَنا وقائِدَنَا وَقُرَّةَ أعيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ صلَّى اللهُ وسلَّمَ على سَيِّدِنا محمَّدٍ وعلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ. أما بَعْدُ عبادَ اللهِ أوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ القَائِلِ في كِتَابِهِ الكَريمِ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} سورة فصلت/30-31-32. إِخْوَةَ الإِيمان: الكَيِّسُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ وَدَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الموت، الذِي لازَمَ الشَّرْعَ بِأَمْرِ الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ، وَحَفِظَ قَلْبَهُ مِنْ نِسْيانِ ذِكْرِ اللهِ وَبَادَرَ دَائِمًا بِالسُّرْعَةِ للعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ كَسَلٍ وَلا مَلَلٍ. وسيَكونُ كلامُنَا في هذهِ الخُطْبَةِ عَنِ العِبَادَةِ في الشِّتَاءِ، وَالكَلامُ عَنِ الأَمْرِ يَطُولُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الشِّتَاءُ فَخَرَجْنَا بِغَنِيمَةِ العَابِدينَ وَرَبِيعِ المؤمِنِين، كُنَّا مِنَ الفَائِزِينَ بِإِذْنِ اللهِ. وقد رَوَى التِّرمِذِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ عَامِرِ بِنِ مَسعودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: "الغنيمَةُ البَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ". وكانَ أبو هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنهُ يقولُ: "أَلا أَدُلُّكُمْ علَى الغنيمَةِ البَارِدَةِ، قَالُوا: بَلَى، فَيَقُولُ: الصِّيامُ فِي الشِّتَاءِ". ومعنَى الغَنِيمَةِ البَارِدَةِ: أي السَّهْلَة، ولأنَّ حرارَةَ العَطَشِ لا تَنَالُ الصَّائِمَ فيهِ. وقالَ ابنُ رَجَبٍ الحنبَلِيُّ: "قِيَامُ لَيْلِ الشِّتَاءِ يَعْدِلُ صِيامَ نَهارِ الصَّيْفِ". وثبتَ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضيَ الله عنه أنه قالَ: "الشِّتَاءُ غَنِيمَةُ العَابِدِينَ" رواهُ أَبُو نُعَيْم بِإِسنادٍ صحيحٍ. وأخرَجَ الإمامُ أحمَدُ عن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ: "الشِّتاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ"، وأخرَجَهُ البيهقيُّ، وَزَادَ فيهِ: "طَالَ لَيْلُهُ فقامَهُ، وَقَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَهُ". فَكَيْفَ يَسْتَغِلُ المسلِمُ لَيلَ وَنَهَارَ الشِّتاءِ؟ وَإِنَّما كانَ الشِّتَاءُ ربيعَ المؤمِنِ لأنهُ يَرْتَعُ فيهِ في بَساتِينِ الطَّاعَاتِ، وَيَسْرَحُ فيهِ فِي مَيادِينِ العِبَادَات، وَينَزهُ قلبَهُ في بَسَاتينِ الطاعَاتِ المُيَسَّرَةِ فيهِ، فَإِنَّ المؤمِنَ يَقْدِرُ فِي الشِّتَاءِ عَلَى صِيامِ نَهَارِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، وَلا كُلْفَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِنْ جُوعٍ ولا عَطَش، فَإِنَّ نَهَارَهُ قَصِيرٌ بَارِد، فَلا يَحُسُّ فيهِ بِمَشَقَّةٍ كبيرَةٍ لِلصيامِ. وقَدْ أَكَّدَ الصحابَةُ رضوانُ اللهِ عليهم على ذلكَ، وَكانوا يَعْتَنُونَ بِالشِّتاءِ وَيُرَحِّبُونَ بِقُدُومِهِ وَيَفْرَحُونَ بذلكَ وَيَحُثُّونَ النَّاسَ على اغْتِنَامِهِ. فعنِ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: "مَرْحَبَا بِالشِّتَاءِ، تَنْزِلُ فيهِ البَرَكَةُ وَيَطُولُ فيهِ الليلُ لِلْقِيَامِ، ويَقْصرُ فيهِ النَّهَارُ لِلصِّيَام". وللهِ دَرُّ الحَسَنِ البصْرِيِّ مِنْ قَائِلٍ: "نِعْمَ زَمَانُ المؤمِنِ الشِّتَاءُ ليلُهُ طويلٌ يَقُومُهُ، وَنَهَارُهُ قَصِيرٌ يَصُومُهُ". وكانَ أَحَدُ الصَّالِحينَ إِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ يقولُ: "يَا أهلَ القُرْءَانِ، طَالَ لَيلُكُمْ لِقِرَاءَتِكُمْ فَاقْرَؤُوا، وَقَصرَ النَّهارُ لِصِيامِكُمْ فَصُومُوا". فَإِذَا لَمْ نَصُمْ صِيَامَ داودَ، أَفَلا نَصُومُ الاثنينَ والخميسَ؟ وإذَا لَمْ نَصُم الاثنينَ والخميسَ، أفلا نَصُومُ الأيَّامَ البيضَ؟ وهي الثَّالِثَ عَشَرَ والرَّابعَ عَشَرَ وَالخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَمَرِيٍّ!. أحبابَنَا الكِرَام: فرصَةٌ ذَهَبِيَّةٌ لِلْمُشْتَغِلِ الذِي يَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَغَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ لَهُ، وَلِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاء، أو مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ فَلْيَغْتَنِمُوا جميعًا هذه الغَنِيمَةَ البَارِدَةَ. وأَمَّا قيامُ لَيْلِ الشِّتَاءِ فَلِطُولِهِ، فَفِيهِ قَدْ تَأْخُذُ النَّفْسَ حَظَّهَا مِنَ النَّوْمِ، ثُمَّ تَقُومُ بعدَ ذلكَ إلَى الصَّلاةِ، فَيقَرَأُ المُصَلِّي وِرْدَهُ، وَقَدْ أَخَذَتْ نَفْسُهُ حَظَّهَا الْمُحْتَاجَةَ إليهِ منَ النَّومِ، معَ إِدْرَاكِ وِرْدِهِ، فَيَكمُلُ لهُ مصلَحَةُ دينِهِ وَرَاحَةُ بَدَنِه. وقد جاءَ عنِ الحسنِ البصريِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالَى قالَ: "نِعْمَ نَدْمَانُ المؤمِنِ الشِّتَاءُ، لَيْلُهُ طَوِيلٌ يِقُومُه، وَنَهَارُهُ قَصِيرٌ يَصُومُه". إنَّ الشِّتَاءَ أَمْرُهُ عَجِيبٌ لِمَنْ تَذَوَّقَ فيهِ طَعْمَ العِبَادَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالَى مِنْ أَوْصَافِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنَّهُمْ {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ الليلِ مَا يَهْجَعُونَ} سورة الذاريات/17. الْهُجُوعُ : النَّوْمُ لَيْلاً. وقَدْ وَرَدَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَكَى عِنْدَ مَشْهَدِ الاحْتِضَارِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ وَتَبْكِي ؟! فقَالَ: "مالِي لا أَبْكِي، وَمَنْ أَحَقُّ بِذلكَ مِنِّي ؟ واللهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى دُنْيَاكُمْ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى ظَمَإِ الهَوَاجِرِ وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ". وليسَ هَذَا بِغَرِيبٍ، فَإِنَّ لِلْعِبَادَةِ لَذَّةً، مَنْ فَقَدَهَا فَهُوَ مَحْرُوم. قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهب: "كُلُّ مَلْذُوذٍ إِنَّمَا لَهُ لَذَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِلاَّ العِبَادَةَ فَإِنَّ لَهَا ثَلاثَ لَذَّاتٍ: إِذَا كُنْتَ فِيهَا، وَإِذَا تَذَكَّرْتَهَا، وَإِذَا أُعطِيتَ ثوابَها". وكانَ أَبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقْسِمُ ليلَهُ ثَلاثَةَ أَقْسَام بينَ القِيَامِ وَالنَّومِ وَطَلَبِ العِلمِ، وَكانَ يَقُولُ: "جَزَّأْتُ الليلَ ثَلاثَةَ أَجْزاء: ثُلُثًا أُصَلِّي، وَثُلُثًا أنَامُ، وَثُلُثًا أَذْكُرُ فيهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم".
وقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قالَ:
إِذَا كُنْتَ تَأْذَى بِحَرِّ المصيفِ
وَيُلْهِيكَ حُسْنُ زَمَانِ الرَّبِيعِ
وَيُبْسِ الخريفِ وَبَرْدِ الشِّتَا
فأَخْذُكَ لِلْعِلْمِ قُلْ لِي مَتَى
وَإِنَّمَا الأَيَّامُ مَراحِلُ يَقْطَعُهَا المسلِمُ مَرْحَلَةً مرحلَةً، وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ مَرْحَلَةٍ زَادًا للآخِرَةِ. نسألُ اللهَ تعالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الهِمَّةَ عَلَى الطَّاعَة، وَيَرْزُقَنَا الإِخْلاصَ والقَبُولَ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى إِنَّهُ سَمِيعٌ مٌجِيبٌ.
هذَا وأستغفرُ اللهَ لي ولَكُمْ الخطبة الثانية: الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ لهُ والصلاةُ والسلامُ على محمدِ بنِ عبدِ اللهِ وعلَى ءالِه وصحبِه ومَنْ وَالاهُ. عبادَ اللهِ أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ. لا شَكَّ إِخْوَةَ الإِيمَانِ أنَّ هناكَ فَرَائِضَ يَجِبُ عَلَى المسلِمِ البَالِغِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، لذَلِكَ احرِصُوا عَلَى أَدَاءِ الفَرَائِضِ، وَاحْرِصُوا عَلَى حُضُورِ مَجَالِسِ الخيرِ مَجَالِسِ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ التِي تُقَامُ في مُصَلِّيَاتِنا. وَأَكثِرُوا مِنَ اغْتِنَامِ الفُرَصِ لِلطَّاعاتِ، فَوَاللهِ الوَاحِدُ مِنَّا يَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّاجِينَ فِي الآخِرَة، وَهُوَ لا يَقْوَى عَلَى جَمْرَةٍ مِنْ جَمَرَاتِ الدُّنيا، فَكَيْفَ يَقْوَى عَلَى نَارٍ وَقُودُها النَّاسُ وَالحِجَارَةُ؟ اللهمَّ أَجِرْنَا مِنها يا رَبَّ العالَمِين. فَوِقَايَةُ النَّفسِ وَالأَهْلِ مِنْ هَذِهِ النَّارِ تَكُونُ بِأَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللهُ علَيْنَا واجتِنَابِ مَا حَرَّمَ. واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ: {إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا}. اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ. اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا، فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ، ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ، اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ، اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنّا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ، إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ واستَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا. وَأَقِمِ الصلاةَ .
| |
|
| |
ziad-borji ـــ
المشاركات : 2591 العمر : 36 الموقع : د البلــــد : تاريخ التسجيل : 28/10/2010 أوسمتـــي ~ : - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الثلاثاء 01 مارس 2011, 20:17 | |
| شكرا جزيلا باااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك الله فيك اخي وجزاااااااااااااااااااااااااااااااااك الله الجنة | |
|
| |
ziad-borji ـــ
المشاركات : 2591 العمر : 36 الموقع : د البلــــد : تاريخ التسجيل : 28/10/2010 أوسمتـــي ~ : - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الثلاثاء 01 مارس 2011, 20:18 | |
| شكرا جزيلا باااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك الله فيك اخي وجزاااااااااااااااااااااااااااااااااك الله الجنة | |
|
| |
BIEBER ـــ
المشاركات : 824 العمر : 31 تاريخ التسجيل : 24/12/2010 أوسمتـــي ~ : - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الخميس 03 مارس 2011, 15:46 | |
| شكرا جزيلا بارك الله فيك اخي وجزاك الله الجنة
| |
|
| |
zin0.djelfa ..
المشاركات : 3246 العمر : 33 البلــــد : تاريخ التسجيل : 09/11/2010 أوسمتـــي ~ : - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الخميس 03 مارس 2011, 17:36 | |
| ۈفقـك ٳلله وأعـانك على ٳلنصـحِ .. والله يكتـب لك الٳجرٍٍ في دنيـاك وآخرتك وجعلْ مآ طرحته في موازين أعمالك اللهم ماامييييييييييين
شكرااااا جزيلا | |
|
| |
sadekmca -
المشاركات : 1747 تاريخ التسجيل : 18/12/2007 أوسمتـــي ~ : - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الخميس 03 مارس 2011, 18:00 | |
| شكرا جزيلا على الموضوع القيم | |
|
| |
ASMA ...
المشاركات : 2723 العمر : 31 الموقع : ج البلــــد : تاريخ التسجيل : 10/12/2010 أوسمتـــي ~ : - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الخميس 03 مارس 2011, 18:02 | |
| شكراااااااااا جزيلااااااااااا | |
|
| |
sarak **
المشاركات : 589 العمر : 38 الموقع : ا البلــــد : تاريخ التسجيل : 15/02/2011 - :
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد السبت 05 مارس 2011, 22:28 | |
| | |
|
| |
sabrinn **
المشاركات : 623 العمر : 29 الموقع : j البلــــد : تاريخ التسجيل : 09/03/2011
| موضوع: رد: دفء العباده يذوب الجليد الخميس 31 مارس 2011, 14:14 | |
| | |
|
| |
| دفء العباده يذوب الجليد | |
|