سمع الامام أحمد بن حنبل رجل يقرأ ابيات لأبي العتاهية فيقول فيها :
إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ * * * خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ مَا مضَى * * * وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب
لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ * * * ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ
فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى * * * ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ
إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهمِ * * * وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ
وإنَّ أمرءًا قَدْ سارَ خمسِينَ حِجَّة * * * ٍ إلى مَنْهِلِ مِنْ وردِهِ لقَرِيبُ
نَسِيبُكَ مَنْ ناجاكَ بِالوُدِّ قَلبُهُ * * * ولَيسَ لمَنْ تَحتَ التّرابِ نَسيبُ
فأحْسِنْ جَزاءً ما اجْتَهَدتَ فإنّما * * * بقرضِكَ تُجْزَى والقُرُوضُ ضُروبُ
فقام الإمام أحمد بن حنبل من مجلسه وأغلق عليه بابه، وسُمِعَ من وراء الباب نحيبه وبكاؤه وهو يردد:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل * * * خلوت ولكن قل عليَّ رقيبُ