زيـد الـخـيـل
زيد الخيل كان اسمه في الجاهلية ولكن الإسلام يجب ما قبله من سوء ، ويثبت كل خير لا يعارض شريعته بشئ . هذا هو دين الحنيفية السمحة وهذا هو الدين الذي اطمأن له زيد الخيل .
لما بلغت أخبار النبي صلى الله عليه وسلم سمع زيد الخيل ، وشده شيء مما دعا له الرسول ، أعد راحلته ودعا السادة الكبار من قومه إلى زيارة يثرب ولقاء ذلك الرسول الذي يدعو لشيء شد الأسماع للقيادة . وصادف عند دخولهم يثرب ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب المسلمين من فوق منبره فشدهم كلامه وأدهشهم تعلق المسلمين به ، تلك القلوب الملتفة على هاديها بعد الله وبشيرها وسراجها النير .
لقد وقع كلام الرسول في نفس زيد الخيل ومن معه موقعين مختلفين ، فمنهم من استجاب ومنهم من تولى عنه . فريق في الجنة وفريق في السعير .
أما زر ابن سدوس فقد وقع في قلبه الحسد أيما موقع ، وهو يرى العيون الحانية تحوط ذلك الرجل فقال زر لمن معه : ( إني أرى رجلا ليملكن رقاب العرب والله لا اجعلنه يملك رقبتي أبدا ) ، فما كان له إلا أن توجه للشام وحلق رأسه وتنصر !
أما زيد والبقية فقد كان لهم شأن آخر ، فما أن انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خطبته حتى وقف زيد الخيل ذو الطول البدني والجمال الخلقي ، وقف شامخا بين جموع المسلمين ، وأطلق عندها صوته الجهير وقال : ( يا محمد ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ) ، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : ( من أنت ؟ ) . قال : ( أنا زيد الخيل ) . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بل أنت زيد الخير ، لا زيد الخيل . الحمد لله الذي جاء بك من سهلك وجبلك ورقق قلبك للإسلام ) . فعرف بعد ذلك بزيد الخير . وأسلم مع زيد جميع من صحبه من قومه .
ثم مضى به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منزله ، ومعه عمر بن الخطاب وبعض صحابته ، ولما استقر بهم المجلس قال الرسول لزيد الخير : ( يا زيد ما وصف لي رجل قط ثم رأيته إلا كان دون ما وصف به إلا أنت ) . وأكمل صلى الله عليه وسلم : ( يا زيد إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله ) . قال زيد : ( وما هما يا رسول الله ؟) قال صلى الله عليه وسلم : ( الأناة والحلم ) . فقال زيد : ( الحمد لله الذي جعلني على ما يحب الله ورسوله ) . رحمك الله ، إنك الصحابي ولا ريب .. زيد (الخير) بن مهلهل .