وفقني الله وإياك إلي ما يجب:- أن الصحبة في الله تعالي من أوثق عري الإسلام ومن أكبر أبواب الخير، وقد رغب العلماء فيها سلفا وخلفا.
أما من حذر منها وقال: أن العزلة أقرب إلي السلامة من الآفات، وأبعد من تحمل الحقوق في المخالطات وأجزأ للاشتغال بالطاعات، فإن ذلك في حق المريد ما دام قاصرا، فإذا انتهي سلوكه وكمل حاله كان الأفضل في حقه (الخلطة) بل- (الخلطة) في حق مثل هذا واجبة كما قال بعضهم.
فعلم أنه لا يقال: العزلة مطلقا.
ثم لا يخفي أن صحبة الأدنى للأعلى ليست بصحبة في الحقيقة، وإنما هي تعليم وخدمة، إذا صاحب الإنسان من هو يشرب من بحره ويحيط بمقامه.
فإطلاق الصحبة بين المريد والشيخ والصحابي والرسول عليه السلام، إطلاق مجازي لا حقيقي
إذا علمت ذلك، فنورد عليك شيئا من الأخبار الواردة في فضل المتحابين في
الله تعالي لآن القلب يقوي بالاطلاع علي الدليل:
روي الشيخان في صحيحهما: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة اله، ورجل قلبه معلق في المساجد. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه. ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه).
وروي مسلم: (والذي نفسي بيده، لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا. أولا أدلكم علي شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم).
وروي أيضا: (أن رجلا زار أخا في قرية أخري، فأرصد الله علي مدرجته ملكا، فلما أتي عليه قال: أين تريد.. .؟
قال: أريد أخا لي في هذه القرية.
قال: هل لك عليه من نعمة تربها قال: لا، غير أني أحبه في الله.
قال: فإني رسول الله إليك، إن الله قد أحبك كما أحببته فيه
وروي ابن عساكر وغيره: (سبعة في ظل العرض، يوم لا ظل إلا ظله ورجل ذكر الله ففاضت عيناه. ورجل يحب عبدا لا يحبه إلا لله. ورجل قلبه معلق بالمساجد من شدة حبه إياه، ورجل يعطي الصدقة بيمينه فيكاد يخفيها عن شماله، وإمام مقسط في رعيته ورجل عرضت عليه امرأة نفسها فتركها لجلال الله، ورجل كان في سرية مع قوم فلقوا العدو، فانكشفوا، فحمي أثارهم حتى نجوا ونجا أو استشهد).
وروي البيهقي في الأسماء: (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله:رجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: أني أخاف الله. ورجلان تحابا في الله:ورجل غض عينيه عن محارم الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله).
وروي أيضا في شعب الإيمان: (رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلي الناس وأهل التودد في الدنيا لهم درجة في الجنة. ومن كانت له درجة فهو في الجنة)
وروي أيضا: رأس العقل بعد الإيمان التحبب إلي الناس، واصطناع الخير إلي الخير إلي وكل بر وفاجر
وروي الدار قطني: (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف).
(وخير الناس أنفعهم للناس).
وروي أبو داود: (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطي لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان.
وروي أيضا: (أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله. وتستعمل لسانك في ذكر الله. وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك. وأن تقول خيرا أو تصمت)
وروي الإمام أحمد: (أن الله يقول يوم القيامة: أين – المتحابون لجلالي اليوم..أظلهم في ظلي)
وروي أيضا: (المؤمن الذي يخالط الناس، ويصير علي أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر علي أذاهم)
وروي أيضا: (إن أوثق عري الإسلام أن تحب في الله وتبغض في الله)
وروي أيضا بسند صحيح (إن المتحابين في الله لتري غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي.
فيقال: من هؤلاء.. .فيقال: هؤلاء المتحابون في الله
وروي أيضا: (أحب الأعمال إلي الله الحب في الله، والبغض في الله):
وروي أيضا: (من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله)
وروي الطبراني: (رأس العقل بعد الإيمان بالله، التحبب إلي الناس)
وروي أيضا: (إن المتحابين في الله في ظل العرش)
وروي أيضا: (المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله)
وروي أيضا قول الله تعالي في الحديث القدسي: (وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتباذلين في والمتزاورين في)
وروي أيضا: (لو أن عبدين تحابا في الله، واحد في المشرق وآخر في المغرب، لجمع الله بينهما يوم القيامة، يقول: هذا الذي كنت تحبه في)
وروي أيضا: (ما تحابا رجلان في الله، إلا يجلسهم يوم القيامة علي منابر من نور، يغشي وجوههم النور، حتى يفرغ من حساب الخلائق)
وروي أيضا: (من أحب قوما حشر في زمرتهم)
وروي أيضا: (المتحابون في الله في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله، علي منابر من نور، يفزع الناس ولا يفزعون)
وروي أيضا: (إن الله عبادا، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء علي منازلهم وقربهم من الله.
قيل: من هم يا رسول الله؟
قال: ناس من بلدان شتي، لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافحوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، يفزع الناس ولا يفزعون)
وروي أيضا (ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور، علي منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء، ولا شهداء.
قيل: من هم؟
قال: المتحابون في الله من قبائل شتي وبلاد شتي يجتمعون علي ذكر الله يذكرونه).
وروي أيضا: (إن في الجنة غرفا، يري ظواهرها من بواطنها وبواطنها من ظواهرها، أعدها الله للمتحابين فيه، والمتزاورين فيه، والمتاذلين فيه)
وروي: (إن في الجنة لعمدا من ياقوت، عليها غرف من زبرجد، له أبواب مفتحه، تضيء كما يضيء الكوكب الدري.
قال: قلنا: يا رسول الله من يسكنها.. .؟
قال: المتحابون في الله والمتباذلون في الله والمتلاقون في الله)
وروي الترمذي – وقال: حديث حسن صحيح -: (قال الله تعالي المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء).
وروي أيضا: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان.من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله.
ومن يكره أن يعود في الكفر، بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار).
وروي أيضا (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)
وروى ابن النجار(استكثروا من الإخوان فأن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة)
وروى الحكيم: (نظر الرجل لأخيه على شوق خير من اعتكاف في مسجدي هذا)
وروى ابن الدنيا: (حقت محبتي للمتحابين في، وأظلهم في ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظلي)
وروي أيضا: (ما أحدث رجل أخا في الله إلا أحدث الله له درجة في الجنة)
وروي أيضا: (أصب بطعامك من تحبه في الله).
وروي الحاكم وغيره (قال الله تعالي: المتحابون في علي منابر، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء)
وروي البيهقي: (من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله)
وروي أيضا: (إن اله تعالي يقول: أني لأهم بأهل الأرض عذابا، فإذا نظرت إلي عمار بيوتي، والمتحابين في، والمستغفرين بالأسحار صرفت عذابي عنهم).
والأخبار في فضل المتحابين كثيرة ونقتصر منها علي هذا القدر.
اللهم أدخلنا جنتك و قنا عذاب النار