مليار سنتيم تُحرق ليلة المولد النبوي..!
المبلغ يكفي لبناء حي سكني من 200 شقة
الأئمة يجمعون.. تجارة المفرقعات حرام فاجتنبوها
لا يمكن لذكرى المولد النبوي
الشريف أن تمر في الجزائر دون سماع دوي المفرقعات أو ما يعرف بـ
«تي.آن.تي»، كما لا يمكن لأي عائلة جزائرية أن تحيي الذكرى دون فرقعة الـ 5
دنانير التي تعتبر أرخص مفرقعة في السوق.. قصة الجزائريين مع المفرقعات لا
تنتهي بنهاية كل ذكرى.. ليبقى السؤال دائما يطرح كم يحرق الجزائريون من
مليار في حرب «المفرقعات»؟
واستناداً إلى أرقام الهيئة الوطنية لتطوير الصحة وترقية
البحث، يوجد أزيد من 4 ملايين أسرة جزائرية تستهلك ما قيمته 20 ألف دينار
في شراء المفرقعات، مع العلم أن بعض العائلات لا تترد حتى في شراء
«تيتانيك» وهي عبارة عن سفينة تطلق أكثر من 500 نوع من المفرقعات، وهي
الأغلى في السوق الجزائرية بثمن يقدر بـ 30 ألف دينار، فيما تستهلك أسر
معوزة، كأقل ثمن، ما قيمته 500 دينار جزائري وبمتوسط يقدر بـ 4000 دينار
لمجموع 4 ملايين أسرة نجد أن العائلات الجزائرية تنفق حوالي 16 مليار دينار
(1600 مليار سنتيم) وهو مبلغ مالي ضخم بإمكانه بناء حي سكني من 200 شقة!
من جهة أخرى تكشف مصادر من الجمارك الوطنية عن حجز ما قيمته
14 مليار دينار لـ 70 حاوية منها 20 حاوية مفرقعات تم حجزها منذ بداية
السنة، فيما توجد 50 حاوية بمختلف موانئ الجزائر تم حجزها السنة الماضية،
قيمة كل حاوية 2.5 مليار دينار، هذا وأكدت مصادرنا أن قيمة المفرقعات
المتداولة في السوق تفوق 10 ملايير سنتيم عبر مختلف ولايات الوطن، مبلغ مثل
هذا يؤكد مقاولون في البناء أنه بإمكانه بناء مشروع سكني يتكون من 200 شقة
بكامل متطلبات الحياة من مرافق صحية، مدرسية وبكامل تجهيزاتها..، 16 مليار
دينار أيضا بإمكانها أن تستورد ما قيمته ربع الكمية المستوردة من القمح
سنويا، 16 مليار دينار أيضا بإمكانها أن تقدم كقروض للشباب لفتح مناصب عمل،
مشاريع استثمارية،... 16 مليار دينار تفتح في كل بلدية من بلديات العاصمة
على الأقل 4 محلات تجارية... بالإضافة إلى أرقام استهلاك الجزائريين
للمفرقعات تتصاعد منحنيات ضحاياها، حيث أحصت المديرية العامة للحماية
المدنية أزيد من 1500 تدخل العام الماضي، وأغلبها حرائق تسببت فيها الشموع
التي تبقى مشتعلة في البيوت الجزائرية أمام وقوفهم مطولا في شرفات المنازل
من أجل مشاهدة أضواء المفرقعات.
حبّ الجزائريين وتعلقهم بالمفرقعات من سنة إلى أخرى على عكس
كل الشعوب العربية أسطورة مستوحاة أصلا من تقليد أعياد الغرب في الاحتفال
بمولد المسيح عن طريق إشعال المفرقعات، غير أن الفرق بين أوربا والجزائر أن
الكمية المستهلكة هناك يتم استيرادها وفق كميات محددة وبقيمة محددة ولا
يحق استعمالها لا في الطرقات ولا في المنازل، وإنما يتم إشعالها عشية ذكرى
مولد المسيح من السلطات المسؤولة ويكتفي المواطنون بمشاهدتها وأخذ صور
تذكارية ليلتها، أما هنا في الجزائر فترمى عمدا حيث يتم التبادل والرشق
بالمفرقعات بين الجيران، الأطفال وحتى الكبار، فمن الظلم أن نلصق جرم
انتشارها بشريحة الصغار، كون أن الكبار هم من يشترونها لأطفالهم، ليتم عشية
كل ذكرى من مولد المصطفى حرق حوالي 16 مليار دينار في ليلة أشبه ما تكون
«بحرب المفرقعات».
بارونات التهريب يستغلون الشباب البطال لتمرير سلعهم
واستنادا إلى التقرير فقد تم حجز هذه الكميات من طرف سرايا
أمن الطرقات، والفرق الإقليمية وفصائل الأبحاث في الحواجز الأمنية ونقاط
المراقبة خاصة على مستوى ولايات الشرق، وسجلت أكبر المحجوزات بولايات ميلة،
المسيلة، سطيف، أم البواقي، خنشلة، سكيكدة، إضافة إلى حجز كميات هامة
بولايتي عين تموشنت وتلمسان غرب البلاد، إضافة إلى ولاية عين الدفلى،
واللافت أنه تم ضبط هذه الكميات عند تفتيش حافلات نقل المسافرين التي تضمن
الخطوط البعيدة للإفلات من الرقابة الأمنية على سيارات الأجرة والسيارات
النفعية، وكانت الفرقة الإقليمية "لزناتة" التابعة للمجموعة الولائية للدرك
الوطني لولاية تلمسان، قد حجزت 18000 وحدة مفرقعات قبل أشهر قليلة كانت
مهربة على متن سيارة "آتوس" وتوصلت التحقيقات إلى أن المهرب قام بكراء
السيارة من وكالة كراء السيارات بتلمسان، وفي نفس اليوم تم حجز 4900 وحدة
من طرف فرقة الدرك بـ"شتوان" كانت مهربة على متن دراجة نارية، مما يكشف
تبني مهربي المفرقعات نفس الإستراتيجية التي يتبعها مهربي المخدرات
والمتفجرات، في حال حجز السيارة لعدم تحديد هوية صاحبها في حال فراره.
وفي هذا السياق توصلت تحقيقات مصالح الدرك الوطني في قضايا
تهريب المخدرات إلى أن بارونات تهريب المفرقعات والألعاب النارية يجندون
شبابا بطالين لنقل السلعة المهربة على متن الحافلات مقابل مبالغ مغرية
و"منحة الخطر" تصل إلى 20 ألف دينار تكلفة الرحلة الواحدة فقط، وقال مصدر
مسؤول في قيادة الدرك الوطني إن هذه المواد محظورة وممنوعة، يتم حجزها
وإحالة الموقوفين على العدالة بتهمة التهريب، ويندرج هذا العمل في إطار
مكافحة التهريب بأشكاله وحماية الاقتصاد الوطني، وكانت قيادة الدرك الوطني
قد شددت على عناصرها تكثيف التفتيش في نقاط المراقبة، وقامت بعمليات
"استباقية" بعد لجوء المهربين إلى النشاط أشهرا قبل حلول مناسبة المولد
النبوي الشريف لإغراق السوق بهذه المواد المحظورة.
تهرب من الصين، دبي وفرنسا بحرا حتى تصل إلى الجزائر
تجاوزت قيمة المفرقعات والألعاب النارية التي قامت مصالح
الدرك الوطني بحجزها منذ بداية العام الجاري أكثر من 25 مليار سنتيم، في
حين أوضح مسؤول سامي في قيادة الدرك الوطني، أنه لا يمكن تحديد القيمة
المالية للمواد المحجوزة "على خلفية أنها مواد محظورة وممنوعة"، وأكد مصدر
آخر أن القيمة المالية تتجاوز ذلك بكثير على اعتبار أنه تم حساب العلبة
الواحدة من كمية المفرقعات المحجوزة بـ 100 دينار، وتعادل قيمة المفرقعات
العادية وليس الألعاب النارية التي تتجاوز قيمة الوحدة الواحدة منها 550
ألف سنتيم، وتعرف تداولا في السوق السوداء مقابل إقبال كبير خاصة على
"القادوس" و"الشيطانة" وصواريخ "غزة"، وقدرت مصادر على صلة بالملف القيمة
الإجمالية بأكثر من 43 مليار سنتيم خلال شهرين فقط.
هذا وأفاد تقرير أعدته خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني يفيد
بأن مصالح الدرك تمكنت خلال الفترة الممتدة من ديسمبر الماضي إلى نهاية
شهر جانفي من السنة الجارية من حجز أزيد من236 مليون وحدة من المفرقعات،
حيث تتجاوز الـ 3 ملايين وحدة منها مفرقعات من الحجم الكبير ذات الانفجار
المزدوج وشديدة المفعول، وأخرى كهربائية.
التهريب عبر الموانئ وبتصريحات مزورة
كانت مصالح الجمارك نهاية شهر فيفري من السنة الماضية، قد
حجزت في عملية واحدة 40 طنا من المفرقعات كانت مخبأة داخل حاويتين، تعادل
قيمتها 2 مليار سنتيم كانت موضوعة بإحكام خلف أجهزة الاستحمام صينية الصنع
والقادمة من ميناء "دبي"، حيث تم حجز أكثر من 4 آلاف علبة من الألعاب
النارية من مختلف الأصناف.
وكان المدير الجهوي للمصالح الخارجية للجمارك للدار البيضاء،
قد كشف في تصريحات سابقة، أنه تم منذ سنة 2006 حجز المئات من حاويات
المفرقعات تم إتلافها جميعها، وأوضح أن أغلب عمليات التهريب يستعمل أصحابها
تصريحات جمركية وتصريحات شحن مزورة، إضافة إلى سجلات تجارية بأسماء وهمية،
وأفادت مصادر على صلة بالملف أنه يتم استيراد المفرقعات والألعاب النارية
من الصين ليتم تهريبها في الحاويات عبر ميناء "دبي" تجاه مرسيليا نحو موانئ
الجزائر، وتتسرب أغلب الكميات عبر ميناءي العاصمة ووهران، وتدر أرباحا
طائلة على مستوردي هذه المفرقعات والألعاب النارية.
مافيا تهريب الألعاب النارية تستعد لإغراق الأسواق..
توقيف 8 أفراد وحجز أزيد من 100 ألف مفرقعة بالشرق
أطاحت عناصر الدرك الوطني نهاية الأسبوع المنصرم بـ 8 أفراد
مختصين في تهريب الألعاب النارية والمفرقعات متلبسين بحيازة أزيد من 137
ألف مفرقعة، كانت موجهة للترويج بأسواق الولايات الشرقية تحسبا للمولد
النبوي الشريف.
حيث نجحت عناصر سرية أمن الطرقات للدرك الوطني بالطارف، أثناء
تأديتها لمهام شرطة الطرقات في الإطاحة بأربعة أفراد إثر عمليتين نوعيتين،
الأولى تمكنت خلالها من الإطاحة بأحد أفراد شبكة تمتهن تهريب المفرقعات
تنشط على مستوى ولاية الطارف، على متن سيارة سياحية بحوزته كمية معتبرة من
الألعاب النارية قدرتها ذات العناصر بأزيد من 60 ألف مفرقعة مختلفة الأشكال
والأحجام، هذا وباشرت فرقة الدرك الوطني بالشط تحقيقات مدققة لكشف خيوط
القضية، والتوصل إلى تحديد هوية باقي أفراد الشبكة، علما أن المعلومات
الأولية التي وردتها فور إلقاء القبض على المتورط الرئيسي، تشير إلى أن
مصدر الكمية المحجوزة هو التهريب في حين نجحت خلال العملية الثانية في
توقيف ثلاثة أشخاص كانوا على متن سيارة محملة بأزيد من 34 ألف مفرقعة كانت
موجهة للترويج بالأسواق المحلية، تحضيرا للاحتفالات بالمولد النبوي الشريف
ما استدعى تسليم الموقوفين إلى فرقة درك "الشط"، لإجراء تحريات مدققة في
القضية بغية تحديد مصدرها، والتوصل إلى باقي عناصر الشبكة.
من جهتها حجزت عناصر فصيلة الأمن والتدخل للمجموعة الولائية
للدرك الوطني بميلة، أثناء دورية عادية 32 ألف مفرقعة بعد أن ألقت القبض
على صاحبها الذي اتخذت في حقه الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة، في
الوقت الذي فتحت فيه فرقة الدرك الوطني بـ"دراجي بوصلاح" تحقيقات موسعة في
القضية لنفس الغرض الذي ذكر سالفا.
حجز أزيد من 22 ألف مفرقعة بالعلمة
أما ولاية سطيف فقد ألقت عناصر فرقة الدرك الوطني بـ"العلمة"
أثناء تأديتها لمهام شرطة الطريق، القبض على 3 أشخاص كانوا على متن حافلة
متلبسين بحيازة 10620 مفرقعة، مما تطلب مباشرة التحقيقات من قبل ذات
الفرقة، وفي انتظار ما ستفضي إليه عمليات البحث والتحري التي كانت قد
باشرتها الجهات المعنية فور توقيف المتهمين الثمانية، يمكن الإشارة إلى أن
مافيا تهريب الألعاب النارية تستعد هذه الأيام لإغراق مختلف الأسواق
المحلية، تحسبا لاقتراب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي لا تفصلنا عنه
إلا أيام معدودات،في سياق موازيتمكنت مصالح الدرك الوطني
لبلدية "العلمة" بسطيف خلال اليومين الأخيرين، من خلال عملياتها المتكررة
في محاربة التجارة غير الشرعية والسلع الممنوعة، في ثاني عملية لها من حجز
20 ألف مفرقعة من مختلف الأحجام والأنواع، خلال تفتيش حافلة متوجهة من
مدينة "العلمة" إلى سطيف، قدرت قيمتها المالية بأكثر من 20 مليون سنتيم وتم
توقيف صاحبها، هذه الكمية من المفرقعات كانت موجهة لإغراق السوق بها
بمناسبة حلول المولد النبوي الشريف، الذي يكثر فيه الطلب على هذا النوع من
المفرقعات بغرض التسلية إلا أنها في بعض الأحيان تكون خطرا بسبب الاستعمال
غير العقلاني لها، الكمية تم حجزها وتحرير محضر سماع للمتهم، وتعد هذه
العملية الثانية من نوعها في ظرف أسبوع.
عاهات مستديمة، ندبات في الوجه وإصابات بـ"العمى"
بعيدا عن الجو العائلي ومظاهر الاحتفاء بذكرى مولد خير الخلق،
أكد أطباء وممرضون أنه وفي ليلية تحطيم صوت المفرقعات المدوي في الأحياء
المجاورة يستقبلون العشرات من الحالات جد الخطيرة، من جهة أخرى كان لنا
حديث مع بعض الضحايا على غرار "فلة" التي أصيبت بعاهة مستديمة والتي قالت
أنها خضعت لعملية جراحية مصغرة على مستوى إصبع "السبابة" من يدها اليمنى،
بعد أن ألقيت عليها مفرقعة كبيرة وهي مشتعلة، وقبل أن تنفجر أمسكتها بيدها
وأرادت إلقاءها على أخيها، إلا أن المفرقعة كانت أسرع من حركة يدها لتنفجر
فجأة بيدها، وحسب الدكتور "حمو" المختص في جراحة العظام، فإن المفرقعة التي
انفجرت بيد "فلة" اخترقت إصبعها وأصابت العظم، ما تطلب قطع الطرف العلوي
من إصبعها.
8 أشخاص يفقدون بصرهم في ليلة واحدة بعنابة العام الماضي
سجلت عيادة طب العيون بعنابة ليلة المولد النبوي الشريف،
إصابة ثمانية أشخاص بعمي كلي وفقدان للبصر إثر تعرض أعينهم لإصابات مباشرة
بواسطة المفرقعات والألعاب النارية، وهو ما أدى إلى إتلاف أجزاء بالكامل
منها "القرنية والشبكية المسؤولتان عن وظيفة البصر"، ما يستدعي إجراء
عمليات جراحية دقيقة ومكلفة لإعادة زرع مثل هذه الأجزاء الحيوية للعيون،
وإعادة البصر لهؤلاء الأشخاص الذين كانوا ضحايا الاستعمال العشوائي والطائش
للمفرقعات، هذا وقد سجلت المصالح الاستشفائية لطب العيون بالولاية إصابة
ما مجموعه 38 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة على مستوى العين "بينها الحالات
الثمانية السالفة الذكر" بعد استهدافهم بهذه المواد الحارقة في ليلة واحدة،
حيث خضعوا جميعهم للعلاج على مستوى المناوبة الليلية بالعيادة، ويتراوح سن
هؤلاء الضحايا ما بين 4 سنوات و26سنة، وحسب مصادر مطلعة فإن سبب ارتفاع
عدد ضحايا المفرقعات عشية ليلة المولد النبوي الشريف، يعود إلى إغراق أسواق
مدينة عنابة بمفرقعات جديدة الصنع ذات مفعول قوي في الانفجار، تتمثل في
ألعاب نارية "نفاثة" تقذف كالصاروخ يؤدي استعمالها إلى تشويه الوجه وفقدان
البصر، مقارنة بالمفرقعات التقليدية التي ينجر عن استعمالها في أغلب
الأحيان إصابة الضحية بجروح خطيرة على مستوى اليدين، وقد أشارت ذات الجهات
إلى أن استعمال هذه المواد الخطيرة سيؤدي إلى مزيد من الضحايا الجدد خصوصا
وأن إطلاقها يكون عشوائيا، حيث يصعب التحكم في مسارها بعد ذلك، وفي سياق ذي
صلة فقد حذرت عدة جهات دينية بعنابة قبيل الليلة المباركة من انعكاسات
الحرب غير المعلنة في شوارع المدينة بواسطة استعمال المفرقعات، على اعتبار
أنها أفعال شنيعة لا تمد للإسلام ولليلة مولد "محمد صلى الله عليه وسلم"
بأية صلة، زد على ذلك الإضرار بأرواح الأشخاص وتعريض حياتهم للخطر.
"محمد".. أصيب بجروح عميقة على مستوى اليد
أما محمد، 22 سنة فقد أصيب على مستوى كف اليد اليسرى بعد
انفجار مفرقعة "دوبل بومب"، وعن تفاصيل الحادث قال محمد "وضعت المفرقعة
داخل أنبوب لألعاب نارية لأحاول مضاعفة انفجار المفرقعة، إلا أنها انفجرت
بشكل مفاجئ في يدي"، لتصيبه بحروق من الدرجة الثالثة حسب تشخيص الأطباء،
وجروح عميقة على مستوى الجهة السفلى من الكف، ما تطلب تنظيف الجرح من
الشظايا والرماد، إلا أن الأطباء وجدوا صعوبة في تخييط الجرح بسبب تآكل جلد
الكف، كما أخبرنا "محمد" أنها المرة الثانية التي يقضي فيها ليلة المولد
النبوي الشريف في مصلحة الاستعجالات.
الحاجة "فتيحة".. كانت في بيتها عندما طالها إرهاب "المفرقعات"
الحاجة "فتيحة" 57 سنة فجأة وجدت نفسها في مصلحة الاستعجالات،
بعد أن كانت جالسة آمنة مع ابنتها الوحيدة حين رمى أحد الشباب الذي وصفتهم
الحاجة فتيحة "بالطائشين"، مفرقعة انفجرت مرتين على حد تعبير الحاجة التي
أصيبت بحروق بليغة على مستوى القدم والركبة.
نسيم، وليد ومحمد 3 إخوة كادوا أن يفقدوا أعينهم
أما الحالة التي تميّزت بالدرامية فهو اختراق اللعبة النارية
"الصاروخ" أو ما يعرف بـ"بن لادن"، عيون ثلاثة إخوة التفوا حول هذه اللعبة
التي كان من المفترض حسب محمد 25 سنة، أكبر الإخوة أن تأخذ وقتا حتى تنفجر،
إلا أنها باغتتهم بانفجار مفاجئ، وأكدت لنا دكتورة مختصة في جراحة العيون،
والتي قامت بتشخيص وعلاج الأخوة الثلاثة أن حالاتهم تترواح بين الخطرة
والخطرة جدا، إذ أصيبوا جميعهم بحروق على مستوى القرنية وتراكم للرماد على
مستوى العين، إلا أن الحالة الأخطر حسب ذات الطبيبة هي حالة الأخ الأكبر
الذي أصيب بنزيف على مستوى الغرفة الداخلية للعين، جولتنا بين استعجالات
المستشفيات ليلة المولد تركت فينا انطباعا أن أسوأ طريقة لإظهار المحبة
لنبي الرحمة والفرحة بيوم مولده هي أن تؤذي نفسك بمفرقعة، تنسف مالك وتفقدك
أحد أعضائك وهو النبي الذي أوصى بالحفاظ على النفس والمال.
الاحتفال بالمفرقعات.. طقوس بوذية
لا يفقه الجزائريون الهدف وراء استعمال المفرقعات في
الاحتفالات الدينية، حيث تجدهم يقلدون غيرهم دون العلم بالخلفية العقائدية
الحقيقية من وراء هذه المواد المتفجرة التي يصدّرها الصينيون لمختلف بلدان
العام الإسلامي، خاصة الجزائر المغرب وليبيا عن طريق دول الخليج، وهم بذلك
يروجون لطقوسهم الدينية بالدرجة الأولى لأنهم أول من استعمل المفرقعات في
الطقوس الدينية البوذية في القرن الثامن، حيث كانوا يبدأونها بتفجير أوراق
محشوة بملح البارود وتركيبه الكيميائي "نترات البوتاسيوم"، وهو ما يعرف بـ
"البارود الأسود الخام"، وسُمّي بذلك لأنه قابل للاشتعال عند التسخين، حيث
يتسبب في صدور أضواء وأصوات مرتفعة لاستقطاب الأطفال الذين كانوا يستحسنون
هذه الطقوس فتجدهم ينتظرون هذه المناسبات بفارغ الصبر للاستمتاع بطقوسها
المثيرة، التي عادة ما تقام لجذب الانتباه.
وقد دخل هذا التقليد إلى دول جنوب شرق آسيا وامتزج بعادات
الناس هناك خاصة منها الدينية، واغتنم الصينيون مناسبة احتفال المسلمين
بالمولد النبوي الشريف للترويج لمعتقداتهم وتقاليدهم وصناعتهم التي تزداد
خطورة سنة بعد أخرى، فالمفرقعات التي كانت تستعمل قبل خمس سنوات مختلفة
تماما عن التي تصنع اليوم، وذلك بعد أن تحولت إلى قنابل يتقاذفها الأطفال
دون مراعاة الأخطار الناجمة عنها، ومما يزيد من أخطار هذه المتفجرات هو
تعتيم الشركات الصانعة لها عن المواد الداخلة في تركيبها، فقد تحتوي على
مواد خطرة وشديدة التفاعل كمركبات النيتروتات التي تستخدم مثلاً في
البارود، إذ نجد أن هذه التفاعلات تنتج مواد ضارة بالإنسان وبالبيئة
المحيطة سواء على المدى القريب أو البعيد، كما أن بعض الألعاب النارية لا
تكتفي بإنتاج اللهب والغازات بل أيضا ضوءا ناتجا عن مواد فسفورية لها مخاطر
سريعة وقوية على النظر خصوصا على الأطفال.
المفرقعات تسبب الصمم والعمى
حذر رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث،
البروفسور "مصطفى خياطي"، من المضاعفات الصحية غير المباشرة للمفرقعات
كبيرة الحجم، التي تنبعث منها أصوات مدوية قد تتسبب في تمزيق طبلة الأذن أو
التأثير النسبي عليها، والذي يتحول مع مرور الوقت إلى مرض يتسبب في
الفقدان التدريجي لحاسة السمع وخلل في عمل المخ، على غرار ما حدث لكثير من
الأطفال، وأضاف أن المفرقعات تحتوي على مواد كيميائية خطيرة ومجهولة يتسبب
انبعاثها في أضواء تأثر على وظيفة العين التي تعتبر العضو الأكثر حساسية في
الجسم، حيث تتعرض لحروق على مستوى الملتحمة وتمزق في الجفن، أو دخول أجسام
غريبة في العين أو انفصال في الشبكية، وقد يؤدي الأمر إلى الفقدان الكلي
للبصر، ناهيك عن التشوهات الخلقية والحرائق وبعض حالات الإعاقة الناتجة عن
هذه المواد.
الأئمة يجمعون.. تجارة المفرقعات حرام فاجتنبوها
عرج الكثير من الأئمة على الاستعدادات الجارية للاحتفاء
بالمولد النبوي الشريف المصادف ليوم 12 ربيع الأول، وإذا كان الأئمة قد
ثمنوا احتفاء المسلمين بمولد خير الأنام الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"،
فإنه في ذات الوقت صبوا جل غضبهم على أولئك الذين استوردوا هذه الأطنان من
المفرقعات، والتي شرع الأطفال في تفجيرها في شوارع المدن الكبرى وحتى
القرى، محدثين إزعاجا كبيرا للمواطنين وقد استنكر الأئمة هذه العملية
الدخيلة على ديننا الإسلامي الحنيف، وقالوا إن الاحتفاء بمولد سيد البشرية
محمد "صلى الله عليه وسلم" ليس بالمفرقعات التي أقلقت هذه الأيام الكبار
والصغار بل وجعلتهم يعيشون على أعصابهم.
وتوقف الأئمة طويلا عند الأضرار الجسيمة التي تلحقها هذه
المفرقعات بالمواطنين، فهي زيادة على أنها تبذير للمال وإسراف له بلا
فائدة، فإنها تلحق أضرارا خطيرة بالمواطنين، وقد كانت هذه المفرقعات قد
تسببت في وفاة أبرياء وخلفت معطوبين وحرائق مهولة، أتلفت أملاكا وسيارات
وتساءل الأئمة كم من طفل فقد بصره؟ وكم من مواطن أصيب بتشوهات في وجهه؟.
وبعد أن سرد الأئمة قائمة المخاطر التي تشكلها هذه المفرقعات
على أفراد المجتمع، قالوا إن تجارتها حرام ولا تجوز قطعا فأضرارها خطيرة
جدا، تخلف خسائر مادية وبشرية لا تقدر بثمن، لقد قال الأئمة قولهم بكل
صراحة واستمع المصلون إلى أقوال الأئمة بل والفتوى التي أصدروها فيما يخص
آفة المفرقعات، فهل يمتنع المواطنون عن شراء هذه النار التي كثيرا ما تخلف
مآسي خطيرة تبقى منقوشة في الذاكرة،
كما أن الأئمة استغلوا فرصة خطبة الجمعة ودعوا المواطنين إلى
الابتعاد قدر المستطاع عن هذه المفرقعات، ولم يترددوا في تحريمها تحريما
قطعيا، دليلهم في ذلك الخسائر البشرية والمادية والمآسي التي تخلفها وما
على المواطنين إن كانوا يقتدون فعلا بما يقوله الأئمة إلا مقاطعة شراء هذه
المفرقعات، دون إغفال الجهات المعنية بتوفير الراحة والسكينة للمواطنين،
مطالبة بالتدخل الفوري لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت أطوارها
تظهر قبل حلول المولد النبوي الشريف بعدة أيام.
منقوووووووووووول