الذاكرة والخيال
الذاكرة والتي هي بالدماغ يتخزن فيها دائماَ كل ما رأيناه وقرأناه وسمعناه من صور ومعلومات واصوات مثلا ونعود ونتذكر ما نحتاجه منها. أما الخيال فهو مختلف عن الذاكرة وهو ما يعرف بقدرة وقوة التصور والتخيل لأشياء ليست موجودة بالذاكرة وهو يأتي من الموهبة والإلهام . مثال. يطلب منك أن ترسمي حمامة فتعودي بذاكرتك وترسمي الحمامة التي رأيتيها ذات مرة كما رأيتيها. ولكن يطلب منك أن ترسمي طائر سحري وخيالي جميل بألوانه( وطبعاَ سترسميه كطائر وليس كحصان من خلال الذاكرة) فهنا تأتي قوة وقدرة التصور والخيال فمن كان عنده موهبة يستطيع بخياله أن يرسم طائراَ ( خيالياَ) جميلاَ بألوانه وشكله وكأنه طير من طيور الجنة مثلاَ كالرسامين والمبدعين . وهذا الخيال والموهبة موجود في النفس والروح والشعور والفؤاد ( مركز الإلهام والإبداع) وليس في الذاكرة في الدماغ كمعلومات بل إحساس وشعور (وخيال) من الموهبة بقدرة التخيل والتي هي من الله سبحانه! شكراَ لسؤالك الجميل مع التحية.
الذاكرة هي (حفظ ومعرفة كل ما مضى) الخيال يعتمد على الذاكرة فلو تخيل المرء شيء جديد لابد ان يعتمد ولو على جزء بسيط مما يعرفه .. يمكنك تخيل حصان له أجنحة ..تعرف كيف شكل الحصان وشكل الاجنحة ..زهذا مثال .. فإذا لم يكن هنالك رابط بين ذاكرتك وخيالك فالخيال ليس قادم منك ... قد ترا الجنة في المنام ... وهذا لايدخل في ذاكرتك ولكنه من أمر الله عز وجل
انقسم علماء النفس حول تحديد نوعين من طرائق الخيال هما: الخيال الإبداعي الذي يتجاوز المعطى الواقعي، والخيال التكراري الذي يعيد إنتاج الواقع. واهم مقاربه هي للعالم الفرنسي ثيودول ريبو الذي يذهب إلى تعريف الخيال التكراري بكونه يقوم على فعل التذكر ليعيد الربط بين الوقائع المتذكرة؛ بينما الخيال الإبداعي يأخذ عناصر من الذاكرة لكنه يقوم بعملية ربط أصيلة فيصنع وقائع جديدة. يستحيل أن تفهم الماء بتحليل مكوناته وتأملها واحدة واحدة بمعزل عن كينونتها ضمن التركيب، فذرتا الأوكسجين وذرة الهيدروجين لا تعطينا في انفصالهما أي ملمح للماء. لذا نقول: إن الخيال حتى عندما يشتغل على عناصر موجودة، فإنه في تركيبه لها على نحو جديد، يثمر إبداعا. وإذا جاز نفي الإبداعية بتلك المقاربة السيكولوجية السطحية لجاز إيقاف مهارة التفكير والفعل الحضاري الإنساني، ونفي الحاجة إلى الحلم بالتغيير ؛ لأنه لا إبداع إنما مجرد إعادة تركيب لعناصر سائدة !