ابو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي . رياضي وفلكي وجغرافي خوارزمي . ولد في خوارزم حوالي عام 780 م ، وتوفي في بغداد عام 841 او 850 م. لا يعرف عن حياة ابن موسى الخوارزمي الا القليل ، فقد قيل انه قد احاط في شبابه بعلوم الاغريق ، متتلمذا على ديوفانتوس ، و علماء الهند وفارس . ولربما يكون قد زار في شبابه هذه الاقطار . وقد ظهر في بغداد زمن المأمون ، واستطاع ان يكسب ثقته وتقديره حتى ولاه بيت الحكمة وارسله في عدد من بعثات التنقيب . َ
وعند وفاة المأمون استمر الخوارزمي يخدم خلفاء بغداد حتى ارسله الواثق بعد ذلك في رحلتين شهريتين : الاولى الى بلاط البيزنطيين لزيارة كهف الرقيم في آسيا الصغرى ، وقد رفض الخوارزمي ان يصدق ان الجثث المحنطة في الكهف هي لأهل الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن ، والثانية الى بلاد الخزر بعد ما تراءى للخليفة في منامه ان سد يأجوج ومأجوج الذي بناه الاسكندر لوقف زحف هذه القبائل قد انفتح ، وان عشائرها في سبيلها الى مهاجمته . َ
وقد الف الخوارزمي رسالة صغيرة في الحساب تعتبر اول ما الف في هذا العلم ، وبقي الحساب قرونا كثيرة من بعده وهو يسمى بالخوارزمي : الغوريثمي : Algorithm . وقد تناول الخوارزمي في رسالته الارقام الهندية ، والصفر ومنزلة الاعداد . ونقلت رسالة الخوارزمي الى اللاتينية ثم ضاع اصلها العربي ، ولم تبق الا ترجمة ( اديلارد اوف باث ) لها . كذلك وضع الخوارزمي اول كتاب منهجي في ( الجبر والمقابلة ) جمع فيه اشتات المعرفة في زمانه كي يؤلف منها علم الجبر . فقد زاوج الخوارزمي في كتابه بين حساب الهنود وهندسة الاغريق كي يؤلف منهما الجبر . واعطى حلولا كثيرة هندسية وجبرية لمسائل طرحها الاغريق . ولا يزال علم الجبر يعرف للآن بتسميته العربية في جميع اللغات : Algebra . َ
وقد قصد الخوارزمي بالجبر نقل الحدود من احد طرفي المعادلة الى الطرف الآخر ، وقصد بالمقابلة اختصار ما يمكن اختصاره بعد عملية الجبر ، ثم ايجاد نتيجة المعادلة . وقد اطلق الخوارزمي على المجهول س اسم ( الجذر ) و على س تربيع اسم ( مال ) وعلى س تكعيب اسم ( كعاب ) وعلى س أس 4 اسم ( مال المال ) . ومن معدلات الخوارزمي الباقية حتى اليوم :
س تربيع + 10 س = 39 َ
س تربيع + 21 = 10 س َ
3س + 4 = س تربيع َ
كذلك استنبط الخوارزمي طرقا هندسية لحل معادلات الدرجة الثانية وهو اقصى ما وصل اليه الاغريق ، وكذا استخراج جذرين لها اذا كانا موجبين . ونشر اول جداول عربية عن المثلثات للجيوب والظلال . َ
والخوارزمي من العلماء القلائل الذين لاقوا تقدير العلماء والمؤرخين في كافة العصور . وما من شك انه قد ترك بصمات واضحة على العلوم الاسلامية مثلما تركها على علوم النهضة الاوربية ، حتى وان تقبل الشرق والغرب على السواء افكاره الثورية في الحساب والجبر ببطء شديد . وقد وصف ( سارتون ) الخوارزمي بانه اكبر الرياضيين على الاطلاق ، واطلق على العصر الذي عاش فيه اسم (( عصر الخوارزمي )). َ
وفي الفلك انشأ الخوارزمي جداوله الفلكية محاكيا في وصفها جداول ( السند هند ) التي ادخلها ابراهيم بن حبيب الفزاري . كذلك قدر الخوارزمي محيط الارض باكثر مما سبق ان قدره بطليموس ، فجعله 40 ألف ميل . َ
وتضم مؤلفات الخوارزمي في الرياضيات والفلك الى جانب ( الجبر والمقابلة ) ، ( زيج الخوارزمي ) الذي جعله من نسختين ( الكبرى ) و ( الصغرى ) . وقد فقدت ( الجداول الكبرى ) ، وعدل المجريطي ( الجداول الصغرى ) وفقا لخط زوال قرطبة ، وهي المعروفة احيانا باسم (السند هند الصغير )، ثم ترجمت في القرن 12 م الى اللاتينية ، وذاعت شهرتها في اوربا . وللخوارزمي ايضا ( العمل بالاسطرلاب ) و ( الجمع والتفريق بحساب الهند ).َ
وقد ادخل الخوارزمي تحسينات كثيرة على جغرافية بطليموس ضمنها كتابه ( صورة الارض ) . واعتبر الخوارزمي اقسام الارض في كتابه سبعة بدلا من عشرة كما سبق ان فعل بطليموس . واكتفى بوضع كل ما يستطيعه من معلومات مطورة على صورة جداول وخرائط . وللخوارزمي في الجغرافية ايضا كتابا ( تقويم البلدان ) و ( التاريخ ) .َ