الغيبة
الغيبة بنعم الله!
تصوروا إنسانا بدون لسان...كيف كان يكون بين الناس؟
تصوروا إنسانا بدون شفتين...كيف كانت تكون صورته؟
يقول تعالى و هو يمن على الإنسان نعمة اللسان و الشفتين: " ألم نجعل له عينين و لسانا و شفتين" (البلد 9)
فالحمد لله الذي جعل للإنسان لسانا وشفتين. لسانا وسيلتنا إلى الكلام و التواصل مع الناس، و شفتين لا يتم بدونهما جمال الوجه فضلا عن أنهما مخارج العديد من الحروف.
معرفة الغيبة
بعد تلك الإشارة السريعة إلى هذه الجوارح و النعم أتوجه مسرعا إلى المغتاب و المغتابة...تعرفونهما أ ليس كذلك؟
ليس المغتاب من يحرك لسانه بذكر الله و بقول الحق و بالدعوة إلى الله؛ للأسف المغتاب هو من يحرك لسانه بالغيبة. المغتاب يذكر أخاه بما يكره أن يعرف به في ما يخص أمور دينه أو عرضه أو بدنه أو عشيرته أو غير ذلك سواء- كما قال النووي رحمه الله- باللفظ أو الإشارة أو الرمز.
" ويل لكل همزة لمزة" ( الهمزة 1) أي الخزي و العذاب و الهلكة و واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار و قيحهم...لمن كل هذا يا رب؟ لكل همزة لمزة مغتاب للناس.
أيتها المغتابة، ألا تستحيين حين تكفي لسانك عن ذكر الله والتكلم بالسديد من القول و بالمقابل تطلقين له العنان و تذكرين "أخواتك" بالذي يسوؤهن و لا يسرهن.
و أنت أيها المغتاب أما تستحيي من الله حين تفتح الأبواب المغلقة على اللسان و تطلق له العنان ليعيث في حياة الناس فسادا.
نصيحتي إليكما:
غلق الأبواب على غيبة اللسان و افتحها ابتغاء ذكر الديان
ذكر القرطبي حديثا للنبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: " قال الله تعالى: يا ابن آدم إن نازعك لسانك فيما حرمت عليه فقد أعنتك عليه بطبقين فأطبق" الحديث
الدوافع الواهية للسقوط في الغيبة
أيها المغتاب أيتها المغتابة، ما هو دافعكما إلى الغيبة:
إذا كان دافعكما هو الأجر و الثواب! فالأمر على العكس من ذلك؛ و المفلس كما قال النبي صلى الله عليه و سلم " من يأتي يوم القيامة بصلاة و زكاة و صيام، و قد شتم هذا و قذف هذا و أكل مال و سفك دم هذا و ضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته و هذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار(رواه مسلم)
أما إذا كان دافعكما ملئ الأوقات! فالأوقات عامرة عند القوم بالذكر و عمل الصالحات و بالتأمل في ملكوت الله؛ لا تعلقون سوء فعلكم على وقت الفراغ، فالفراغ الذي تعانون منه هو فراغ القلب من الإيمان و فراغ الجوارح من عمل الصالحات.
أما إن كان دافعكما هو اللعب و الضحك! فقد قال تعالى: " أتحسبون أنما خلقناكم عبثا و أنكم إلينا لا ترجعون" (المؤمنون 115) فلتضحكوا قليلا في دنياكم و لتبكوا كثيرا في أخراكم حين تطرحون في النار و لكم أظفار من نحاس تخمشون بها وجوهكم و صدوركم.
علاج مرض الغيبة
لقد تحرى العلماء علاج الغيبة في وصفتين : وصفة الترغيب و وصفة الترهيب فقالوا بذكر العذاب و تقوى الله و تجنب الإفلاس، و الصحبة و غير ذلك. أما ما أركز عليه فهو التوبة و الذكر.
بداية الطريق التوبة إلى الله.
مهما غرق الإنسان في بحر الغيبة و استهلك الجهد و الوقت في أكل لحم أخيه الميت فلا يجب عليه أن يضل سبيل الله التواب و يقنط من رحمته. قال تعالى : " و لا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكموا أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه، و اتقوا الله إن الله تواب رحيم" (الحجرات 12)
أما زادك في طريق توبتك فهو ذكر الله.
يقول تعالى خالق اللسان و الشفتان: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا" (الأحزاب 41)
ما عدا ما بينته السنة، لم يجعل الله للذكر عددا ووقتا محددا خلافا للصلاة و الصيام و الزكاة و الحج. فذكر الله يشغل اللسان و القلب و يجنب المؤمن السقوط فيما لا يحمد عقباه كالغيبة. فالذكر ديدن المسلمين قياما و جلوسا و على جنوبهم؛ في الليل و النهار، و في البر و البحر، و في السفر و الحضر، و الغنى و الفقر، و السقم و الصحة، و السر و العلانية..
الذكر دواء الغيبة بعد توبة ففروا إلى الله قبل نزول موتة
منقول للافادة