تاريخ فلسطين (3) 20ibg2f
تاريخ فلسطين (3) 20ibg2f
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تاريخ فلسطين (3)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور الايمان
+++
+++
نور الايمان


انثى
المشاركات : 1328
العمر : 31
الموقع : h
البلــــد : تاريخ فلسطين (3) Female11
تاريخ التسجيل : 06/04/2011
أوسمتـــي ~ : تاريخ فلسطين (3) Asdgg
MMS تاريخ فلسطين (3) Hh7.net_13047763344

تاريخ فلسطين (3) Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ فلسطين (3)   تاريخ فلسطين (3) Emptyالأحد 04 سبتمبر 2011, 00:11

الرومان في القدس:

الروم البيزنطيون من الأمم التي كان وجودها في بيت المقدس بارزًا وطويل المدى، فقد استعمروا المدينة، وسيطروا عليها قرابة سبعمائة عام..

فقبل الميلاد بحوالي ستين عامًا، وقع الخلاف بين أصحاب السيطرة من اليهود في بيت المقدس، فانقسموا فرقا، وطلب بعضهم العون من الرومان القريبين، فأقبلت جحافل الرومان الغازية يقودهم بومبي حتى ضربت الحصار على بيت المقدس، ووقفوا بأسوار المدينة حتى اقتحموها بمهارة عالية، مستخدمين أدوات الحصار والاقتحام من المجانيق ورءوس الكباش وأبراج الحصار، وقُتِلَ اثنا عشر ألف يهودي في المذبحة التي ارتكبها الرومان عقب دخولهم المدينة.

وطوال فترة التواجد الروماني في بيت المقدس، جرت هناك أحداث تمثل علامات بارزة في تاريخ المدينة المقدسة، ففي بداية الاحتلال الروماني قام اليهود بثورة واضطرابات عديدة ضد الغزاة، فقاد الحملة عليهم حاكم سوريا الروماني "لوقيانوس كراسوس"، الذي دخل المعبد ونهبه.

والغريب أن القائد هيرود الآدومي الذي قاد حملة قاسية ضد اليهود قبل ميلاد المسيح بحوالي أربعين عاما، عاد ليعطي اليهود نوعا من الحرية الدينية، وسمح لهم بإعادة بناء بيت عبادتهم. وأثناء ولايته على القدس والجليل اهتم هيرود بإعادة تخطيط المدينة، ودعّم حصونها، وزودها بأبراج الحراسة، خاصة في الغرب والشمال الغربي، تأمينا للمواقع الضعيفة منها.

وكان هيرود قد غزا المدينة، منتهزا فرصة تنازع الأمراء المكابيين اليهود على ما تبقى لهم من سلطة عشائرية تخص الطائفة اليهودية، مثل: تحصيل الزكاة، والقضاء بينهم، وتنفيذ أحكام التوراة فيهم.

وبقى من العلامات البارزة في التاريخ الروماني لبيت المقدس أيضا: مولد المسيح عليه السلام، وطرد اليهود من بيت المقدس على يد تيطس ثم هرقل، واتخاذ المسيحية بتفسيرها الخاص ديانةً رسمية للدولة الرومانية، وإعادة بناء بيت المقدس على الطريقة الرومانية حاملة اسمها الجديد إيلياء.

مولد المسيح في ظلال الحكم الروماني:

مثّل عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ الفرصة الأخيرة أمام بني إسرائيل للعودة إلى الله ـ تعالى ـ وترك المعاصي التي أَورثتْهم الذلَّ، وأوقعتْهم ـ بصورة متكررة ـ فريسة منتهكة بين أظافر أمم مختلفة وأنياب شعوب متباينة.

وقد جاء ميلاد هذا النبي الكريم في بيت لحم التابعة لبيت المقدس، معلنا عن واحدة من المعجزات المؤيدة له، والمؤكدة لصدقه، حتى قبل أن يستغني عن ثدي أمه الطاهرة، فوُلد ـ عليه السلام ـ من أم عذراء لم يمسسْها بشر، وتكلم في المهد مثبتًا المعجزة الظاهرة القاهرة.

وبدلا من أن يكون إرسال هذا النبي الكريم فرصة يستغلها بنو إسرائيل للخروج من الاستعباد الروماني، بالانقياد لأوامر النبي وطاعته ـ إذا بهم يقفون في الصفوف الأولى التي تحارب عيسى ـ عليه السلام ـ وتسعى إلى قتله، كما قتلوا كثيرًا من الأنبياء السالفين، وتعاونوا في تلك المحاولة الآثمة مع السلطة الرومانية القائمة، خشية أن ينتزع عيسى ـ عليه السلام ـ شرفَ السلطة الدينية من يد الكهنة اليهود. وكان القيصر في هذه الفترة هو: كلوديوس، ووالي بيت المقدس الرومي هو: بيلاطس.

ومع أن الله ـ تعالى ـ قد نجَّى نبيه الكريم من المؤامرة الدنيئة، إلا أن الفرصة لم تتكرر بهذه الصورة أمام بني إسرائيل للخروج الكريم من الاستعباد والاضطهاد، خاصة مع الاضطهاد الكبير الذي تعرض له أتباع عيسى ـ عليه السلام ـ بعد أن رفعه الله إليه.

وبقي المسيح ـ عليه السلام ـ أحدَ أهم الشخصيات المرتبطة بالمدينة المقدسة، خاصة أنه خاتمة أنبياء بني إسرائيل، وليس بينه وبين رسول الله محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ رسولٌ ولا نبي.

الرومان وطرد اليهود من بيت المقدس:

صَبَّتْ أحداث الزمن الروماني في بيت المقدس في اتجاه تفريغ المدينة من اليهود، حتى جاء الفتح الإسلامي للمدينة وليس فيها يهودي. ومن المناسبات الكبيرة التي طُرد فيها اليهود من بيت المقدس ما جرى عام سبعين من الميلاد على يد الحاكم الرومي القوي تيطس، الذي دمر المدينة. ثم طُرد اليهود بالكامل منها سنة خمس وثلاثين ومائة من الميلاد.

وحينما أقبلت جحافل الفرس في القرن السابع الميلادي من المشرق، تزحف على ممتلكات الروم البيزنطيين، استولوا على بيت المقدس ضمن ما استولوا عليه، ووقف اليهود حينئذ بجانبهم، وشاركوهم في التنكيل بالرومان. وحين نجح هرقل في دحر الفرس عند نينوى، وأجلاهم عما احتلوه، وأزاحهم عن بيت المقدس، كان لابد له أن يصفِّي الحساب مع اليهود، ونفَّذ ذلك بصورة قاسية، حيث قتل من اليهود أعدادًا كبيرة، وفرَّ كثيرون تحت سِيَاطِ الاضطهاد والتنكيل، وصارت بيت المقدس خالية من اليهود تماما.

وهكذا نتج عن السحق المتكرر لليهود باليدِ الرومانية الباطشة، تدمير المدينة على يد القياصرة، وأجليت عنها أعداد كبيرة من اليهود، ونُكّل بالكثير منهم، وجرى لهم شتات عام، وضعفت البنية السكانية اليهودية في عموم أرض فلسطين بسبب كثرة القتلى والفارين من وجه الرومان.

وقد حرص أهل بيت المقدس عند الفتح الإسلامي لها على اشتراط أن لا يدخل اليهود المدينة المقدسة، حينما صالحوا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على تسليم المدينة المباركة للمسلمين عام ستة عشر من الهجرة النبوية.

تَنَصّر الدولة الرومانية وتأثيره في بيت المقدس:

لم يُتَحْ لدعوة المسيح ـ عليه السلام ـ أنصار كثيرون في الفترة التي قضاها على الأرض قبل سعي اليهود والرومان إلى قتله، وإنْجاء الله ـ تعالى ـ له. إلا أنه بعد هذا الحادث بما يزيد على قرنين ونصف من الزمان، قامت دولة كبرى بإعلان اتباعها لدين المسيح، وإن كان ذلك بتفسير خاص لرسالة المسيح ـ عليه السلام ـ وتلك هي الدولة الرومانية نفسها، التي أعلن إمبراطورها قسطنطين عام ثلاثة عشر وثلاثمائة من الميلاد أن المسيحية هي الديانة الرسمية لدولته، حسب التفسير الذي جاء به شاول المشهور ببولس الرسول.

وقد كان لهذا الحدث تأثير كبير في مجرى تاريخ مدينة القدس، فلأول مرة أصبحت تحت سلطة تعلن إيمانها بصدق المسيح ـ حسب الصورة التي يعتقدونها ـ وقد كان وجود هذه السلطة إذنًا بعقاب أصحاب الأديان والعقائد التي اضطهدت المسيحيين الأوائل، فتتابع طرد اليهود من بيت المقدس.

كما زارت الإمبراطورة "هيلانة" والدة قسطنطين، بيت المقدس، بعد ثلاثة وعشرين عامًا من إعلانه الديانة الجديدة لدولته، وتفقدت المواضع التي شهدت دعوة المسيح ـ عليه السلام ـ وأقامت كنيسة القيامة الشهيرة في الموضع الذي يعتقدون أن المسيح دُفن فيه.

البناء الروماني لبيت المقدس:

"إيليوس أدريانوس" أو "هادريانوس".. هذا هو الإمبراطور الروماني الكبير ـ ويُوصف بأنه "كان من أقدر الرجال الذين شغلوا منصب الإمبراطور على مر التاريخ" ـ الذي ارتبط اسمه ببناء مدينة بيت المقدس، وتشييدها على الطراز الروماني، ففي عام اثنين وثلاثين ومائة للميلاد ضيق الإمبراطور على اليهود، ومنعهم من تأدية بعض طقوسهم العبادية في بيت المقدس، فثاروا ضده، ونجحوا في السيطرة على المدينة المقدسة ثلاث سنوات، إلا أن الإمبراطور جرد حملة قوية لإخضاع المدينة، فاستولى الرومان على خمسين قلعة، ودمروا قرابة ألف قرية، وقتلوا عددًا كبيرًا من اليهود، "أما مَنْ لاقَوْا حَتْفَهُمْ جوعًا، أو بالطاعون، أو في الحدائق، فلا يستطيع أحد أن يُحْصِيَهُمْ ـ كما يقول بعض المؤرخين ـ وهكذا خُرِّبت يهوذا تقريبًا"، وصارت قرية مدمرة.

وأصبحت القدس محظورة "الدخول على مَنْ بقي من اليهود بعد الحرب، وشتت الرومان من بقي منهم فوق جبل صهيون، ولم تعد هناك جماعات يهودية في ضواحي المدينة".

لقد كان اعتزام أدريانوس عام مائة وثلاثين إنشاء مدينة جديدة فوق أطلال القدس، هو السبب الرئيسي الذي دعا اليهود إلى الثورة عليه، إذ كان إنشاء هذه المدينة يعني إنشاء معابد وثنية، وتمجيد معتقدات الإمبراطور في المدينة المقدسة.

وبعد أن تخلص أدريانوس من المعارضة اليهودية لمشروع مدينته، عهد إلى روفوس تيمايوس بإنشاء مدينته الجديدة، التي أسماها إيليا كابيتولينا، لتحمل اسمه، وتكرم معبوداته الوثنية في الكابيتول في روما، اعتقادًا منه أنهم سيَرْعَوْنَها له.

وعند التنفيذ قام العاملون بفلح أرض المدينة وإعدادها للبناء، وأقيمت مدينة حديثة، فيها معابد ومسرح، وتجمعات سكنية، وبِركة مياه، وسوقان.

القدس في صدر الإسلام:

ما من صفحات في تاريخ القدس الشريف أنصع ولا أبهى من تلك التي كانت في عهد الرسالة المحمدية؛ إذْ جاء الارتباط فيها بين خاتم رسل الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين واحدة من البقاع الطاهرة التي باركها الله وبارك ما حولها..

وأُولى الصفحات المحمدية للقدس تمثلت في معجزة الإسراء والمعراج، والثانية في توجهه ومن معه من المسلمين في صلاتهم إلى بيت المقدس..

ومنذ البدء لم يكن المسلمون يبحثون عن حرب تراق فيها الدماء، بل كانوا يفتشون عن قلوب تستجيب للنداء الرفيق الرحيم الذي يقودها إلى الله، لذا حزن المؤمنون في مكة لِمَا أصاب الروم من هزيمة مؤلمة أمام الفرس، ضاع فيها بيت المقدس من يد الروم وسقط في يد المجوس، وتفاعل أتباع النبي الخاتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع القرآن وهو يبشر بانتصار الروم من جديد، مما يعني استرجاع الرومان بيت المقدس..

وتطلع رسول الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن تصير القدس وغيرها في حوزة أهل الإيمان، مهما تكن جنسيتهم وألوانهم، فكتب إلى هرقل "عظيم الروم" يدعوه وقومه إلى الإسلام، لا لينزع منهم ملكهم، ولكن ليدلهم على ما يجمع لهم خير الدنيا والآخرة..

وشاءت المقادير الإلهية أن تكون الحماقة سببا لإثارة الحرب بين المسلمين والروم، فقد قتل أتباع أمير غسان المُوَالي للروم حاملَ كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليه، فوقعت الحرب في مؤتة وتبوك حيث بشر النبي بفتح بيت المقدس. وفي آخر عهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالدنيا أمر بتجهيز جيش كبير جعل القيادة فيه لأسامة بن زيد ليغزو أطراف الشام، وحين دنا الرحيل النبويّ عن الدنيا لم يكن الجيش قد خرج لمهمته، فأوصى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإنفاذ بعث أسامة.

وكان أول أعمال الصديق أبي بكر في خلافته إنفاذ هذا البعث، على الرغم من فتنة المرتدّين الخطيرة التي هددت المدينةَ نفسَها، بل هددت كيان الإسلام كلَّه.

وبعد إخماد نار الردة تفرغ المسلمون للفتح، وإفساح الطريق أمام الإسلام ومبادئه، لتسمع الدنيا صوته، وليعرف الخلق سموه وعلوّه، فأرسل أبو بكر جيوش الفتح والغزو..

ولم يكن المسلمون أبدا بادئين بالاعتداء، بل سبقهم الفرس إلى ذلك بتأييد حركات الردة والتمرد في جزيرة العرب، وسبقهم الروم حينما قتلوا السفير الذي بعثه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى حاكم بُصرى التابع لهم.. ودخل المسلمون في جولات حربية حاسمة مع الفرس والروم، على رأسها اليرموك وأجْنَادِين والقادسية ونهاوند..

واختُصَّت أجنادين كفاتح للطريق إلى بيت المقدس، حيث انهارت الدفاعات الرومانية أمام بسالة المسلمين، وصارت لآلئ فلسطين في أيديهم، وتيسَّر حصار الروم في إيلياء أو بيت المقدس، وتلا ذلك الصلح التاريخي الذي أجراه عمر بن الخطاب مع سكان المدينة سنة ست عشرة من الهجرة، وجاءت الوثيقة العُمَريّة لأهل بيت المقدس مجسِّدةً لمبدأ الرحمة والوفاء، ومُقِرَّة بمبدأ حرية الاعتقاد.

وكان الفاروق عمر، وهو يسير نحو بيت المقدس ويتسلم مفاتيحها، كعادته نموذجًا للزهد والتواضع والسماحة والرحمة..

الإسراء والارتباط ببيت المقدس:

بينما تُظِلُّ الناسَ السنةُ العاشرة لبعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي رحلة ليلية غيرِ متقيدة بقوانين الزمان والمكان، أسرى الله سبحانه بخاتم رسله، من البقاع الطاهرة إلى الأرض المباركة، من مكة إلى بيت المقدس، لتتحدد هُويّة هذا الدين بصورة كاملة قبل أن تصبح للإسلام دولة، وليتحدد أيضا نوع الارتباط بين المسلمين وبين بيت المقدس:

أما هوية هذا الدين، فقد تحددت أهم ملامحها وأعمها حين وقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ أيام دعوته الأولى، يدعو إلى ملة إبراهيم حنيفا، ويتمسك باحترام البيت الحرام وإجلاله، وإبراهيمية الرسالة المحمدية دعوة إلى التجمع حول الراية التي رفعها الخليل إبراهيم قبل الميلاد بحوالي ألفي سنة، وتابعه عليها الأنبياء من بعده، خاصة موسى وعيسى ومحمدا ـ عليهم الصلاة والسلام.

واكتمل تحديد هذه الهُوِيَّة بصورة عملية في رحلة الإسراء والمعراج، حين ظهر الولاء بين الأنبياء، وتصديق كلٍّ بصدق الآخر، وتسليمهم بتقديم خاتم الرسل على أنفسهم، وأنه مواصل لطريق الدعوة الذي سلكوه. لقد أعلنت الرحلة أنه مسلم وأنهم مسلمون، لتُجسِّد ذلك المعنى القرآني العام، الذي يؤكد أن الرسول محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلة لمن سبقه من الأنبياء، وشبيه بهم فيما يعتقد ويؤمن به، وإن كان لا نبي بعده.

وأما نوع الارتباط بين المسلمين وبين القدس، فقد حددت الرحلة أنه ارتباط عقيدة، إذ جمع الواحد الأحد بين الصفوة المختارة من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ ليُصَلُّوا خلف خاتمهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يعني وراثته لعقيدة التوحيد السماوية، مرتبطة بالموطن الذي شهد أكبر حشد من رسل الله السابقين عليه.

وأعلنت هذه الوراثة المباركة عن إحدى خصائص الرسالة المحمدية، وهو شمولها للزمان كله، وعمومها للأمم كلها، فكل الرسل صلوا خلفه، إعلانا منهم عن إيمانهم برسالته وصدق نبوّته، وأن أتباعهم تشملهم رسالته إلى يوم الدين، كما شملت الأنبياء صلاته وإمامته.

القدس والمعراج:

رحلة المعراج كانت سفرا إلى عوالم تَلْبس الطُّهْرَ، وترتدي أثواب القداسة، وجرت فيها لقاءات للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالملائكة والأنبياء، بل كلم النبيُّ الكريم ربَّه، وتلقَّى منه فرض الصلاة مباشرة، وانتهى المقام برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند سدرة المنتهى، وهو موضع أرفع من السماء السابعة...

ورحلة بهذا المقام لابد أن تكون البدايةُ الأرضية لها كريمة شريفة، وقد شاء الله ـ تعالى ـ أن تكون مدينة بيت المقدس هي موضع هذه البداية، حيث عُرج برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فوق صخرة المعراج إلى السموات العلا..

إن الفترة التي يقضيها الإنسان فوق هذه الأرض، أشبه ما تكون برحلة الإسراء في اشتمالها على عمل واختيار بين اللبن والخمر؛ (أو الهداية والضلالة). وأما المعراج، فقد مثل بيانا للطريقة التي بها تكون المسيرة الفردية والجماعية صحيحة، وهي الارتفاع فوق طين الأرض، والترفُّع عن المعصية، وعدم الانقطاع عن هَدْي السماء.

وعلاقة بيت المقدس بذلك، أن أهل المسجد الحرام أتباعَ نبي الإسراء، هم أيضا أهل المسجد الأقصى وبيت المقدس، وسبيلهم إلى الفلاح في دار الدنيا ودار الآخرة، هو ألا ينقطعوا عن هَدْي السماء الذي أرسل الله به رسوله.

كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى هرقل:

من خصائص دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أُرسل إلى الناس كافة، وقد مثلت الكتب التي بعث بها ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الملوك والقادة في عصره، تجليا واضحا لهذه الخصيصة؛ فقد تخطى الجغرافيا بكل أنواعها، وكتب إلى كسرى وقيصر وملوك اليمن وعمان ومصر وغيرها، يدعوهم إلى الإسلام..

وقد أقبل دِحْيةُ بنُ خليفةَ من المدينة نحو الشام، يحمل كتاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هرقل قيصر الروم، في وقت كان فيه الرومان في قمة النشوة لانتصارهم الكبير على الفرس، واستعادتهم الممتلكات الاستعماريةَ التي سلبها منهم عدوهم المجوسي، وعلى رأسها بيت المقدس، الذي نذر هرقل أن يسير إليه من حمص سيرا على قدميه، حيث أقام احتفالاتٍ صاخبةً بالنصر الكبير.

وشق الصحراءَ نفسَها الحارث بن عمير الأزْدِيّ، يحمل كتاب الدعوة من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أمير بُصْرَى ؛ حليف الروم وخادمهم.

أما هرقل، فمع تأثره بالكتاب، فإنه كان يجيد أعمال السياسة، فرد على كتاب رسول الله ردًا ليّنا، في حين غَلبت الجلافة الآخرين، فقَتل أعرابيٌّ من غَسَّانَ رسولَ المسلمين إلى أمير بُصْرَى، قتله باسم هرقلَ.

وارتفعت دماء الحماقة إلى رأس أمير بُصْرَى، فبعث إلى هرقلَ يستأذنه في غَزْوِ المدينة المنوَّرة، إلا أن هرقلَ رغب في ألا يعكِّر كؤوس احتفاله بالانتصار على الفرس أيُّ شيء، وفضَّل أن يكون أمير بصرى من الخدم الحاضرين معه احتفالَ الروم في بيت المقدس باسترجاع الصليب الأكبر من الفرس.

استبشار المسلمين بانتصار الروم على الفرس:

كان الصراع الدموي بين الفرس والروم أهم معلم دُوَليٍّ يميز دنيا الناس إبان البعثة النبوية الشريفة، فقد نشأ بينهما صراعٌ مميتٌ وتنافسٌ مهلكٌ، كانت الضحايا فيه تُعَدُّ بمئات الآلاف من البشر لا بعشرات الآلاف، هذا غير المدن التي خُرِّبَتْ والقصور والقلاع والحصون التي هُدِّمَتْ..

وقد علت يد الفرس على الروم في بدايات بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحققوا انتصارات متتالية عليهم: عند أَنْطَاكية سنة ستمائة وثلاث عشرة من الميلاد، وسيطروا على فِلَسْطِين، وبيت المقدس سنة ستمائة وست عشرة من الميلاد، وامتد جبروتهم حتى خضعت لهم الإسكندرية سنة ستمائة وسبع عشرة من الميلاد. وتجاوب مشركو مكة مع الأحداث، وفرحوا لانتصار الوثنية على أهل الكتاب، ورأوا في ذلك صورة مبكرةً للصراع بينهم وبين الإسلام، وأن النهاية في الحالين ستكون واحدة: انتصار الوثنية وارتفاع شأن الأصنام، وخمود صوتِ الرسل...!

وخرج هرقلُ القيصرُ الرومي الجديدُ ليكافح في سبيل إعادة المجد البيزنطب من جديد، فظل ينظِّم دولته ويقوي جيشه المنهار، ويكافح الفرس حتى ألحق بهم هزيمة ساحقة قرب نينوى سنة ثلاث وعشرين وستمائة، فقصم ظهورَهم، واسترد منهم أرض الدولة البيزنطية في أرْمينِيَّة والشام وفلسطين ومصر، واستعاد منهم بيت المقدس سنة ثلاثين وستمائة من الميلاد. وقد فرح المسلمون لهذا النصر الذي وافق انتصارهم على كفار قريش يوم بدر.

وكان ذلك تحقيقا لما نزل به القرآن، قبل أن يتحقق بسبع سنين، في قول الله ـ تعالى: (الم. غُلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).

غزوة مؤتة:

تقع مؤتة الآن داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية، مما يعني أن الغزوة التي دارت فيها بين المسلمين وبين الروم وحلفائهم من القبائل العربية، كانت على مقربة من بيت المقدس.

‏اتجهت جموع جيش المسلمين في غزوة مؤتة إلى الجزء الملاصق للجزيرة العربية من أرض الشام، أي إلى الطريق الممتد إلى فلسطين التي فيها بيت المقدس. وتعداد المسلمين المتجهزين للقتال يومئذ ثلاثة آلاف، يقودهم زيد بن حارثة، وخليفته إن قتل جعفر بن أبي طالب، فإن قُتل تلى على المسلمين عبد الله بن رواحة، فإن قُتل عبد الله اختار المسلمون قائدا منهم.

‏وكانت دماء زيد بن حارثة حِبِّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعفر بن أبي طالب ابن عمه، وعبد الله بن رواحة أحد شعرائه وأنصاره ـ كانت أولَ دماء طاهرة روت الأرض في الطريق إلى القدس، في مواجهة مع الروم غير متكافئة في العدد ولا العُدة، إذ حشدوا من مقاتليهمعشرات الآلاف من الجنود والمرتزقة العرب في مواجهة ثلاثة آلاف من المسلمين.

ثم أخذ الراية سيف الله خالد بن الوليد، الذي سيواصل فيما بعد المشاركة الإيجابية في سبيل بسط سلطان الإسلام على الشام والقدس.. ظهرت مهارة خالد في مؤتة في المناورة وحسن تحريك الجيش وتحويل الدفّة؛ فقد أحدث ضجيجًا وصخبًا وهو يحرك قطع جيشه، ويبادل بين مواضعها، فتوهم الروم أن إمدادات كبيرة قد جاءت أرض المعركة، فراحوا يعيدون توزيع جيشهم. وبينما هم مشغولون في ذلك رجع خالد بجيشه إلى المدينة..

ومع أن المسلمين في المدينة صاحوا في وجه خالد وجنوده: يا فُرّار .. فررتم من أعداء الله. إلا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفى عنهم التهمة، وطيب خاطرهم وقال: "ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار بإذن الله" ـ أي أنهم عائدون إلى الجهاد من جديد.

وهي كلمة تُنْبِئ عن أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيستأنف الجهاد في هذه النواحي عما قليل. و

يتبع...........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غزال الصحراء
..
..
غزال الصحراء


ذكر
المشاركات : 1212
العمر : 30
الموقع : h
البلــــد : تاريخ فلسطين (3) Female11
تاريخ التسجيل : 28/01/2011
أوسمتـــي ~ : تاريخ فلسطين (3) 42
- : تاريخ فلسطين (3) Domain-b4fa610851
MMS تاريخ فلسطين (3) Hh7.net_13047765791

تاريخ فلسطين (3) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ فلسطين (3)   تاريخ فلسطين (3) Emptyالإثنين 05 سبتمبر 2011, 19:32

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الايمان
+++
+++
نور الايمان


انثى
المشاركات : 1328
العمر : 31
الموقع : h
البلــــد : تاريخ فلسطين (3) Female11
تاريخ التسجيل : 06/04/2011
أوسمتـــي ~ : تاريخ فلسطين (3) Asdgg
MMS تاريخ فلسطين (3) Hh7.net_13047763344

تاريخ فلسطين (3) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ فلسطين (3)   تاريخ فلسطين (3) Emptyالإثنين 05 سبتمبر 2011, 19:43

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاريخ فلسطين (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الأدبيــــة :: التــــــــــاريـــخ-
انتقل الى: